والآية تقتضي أنّ كلّ من حصل في يده مال لغيره لزمه حفظه له كمال المفقود ، ومال الفقراء في بيت المال ، واللّقطة (١) في يد الملتقط.
والابتلاء المراد في الآية ، قيل : هو حال الصغر بأن يدفع إليه قليل من المال ، فيرى حفظه له وتصرفه فيه (٢). وقيل : هو بأن يجرّب في أمور أخر (٣). وقيل : هو أن يختبر بعد البلوغ ، وسمّاهم يتامى استصحابا للحالة المتقدّمة (٤) ، وقوله : (وَلا تَأْكُلُوها إِسْرافاً) أي متجاوزين حد القصد المباح لكم ، ومبادرة أن يكبروا ، فيمنعوا أموالهم (٥) ، وقوله : (وَمَنْ كانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ ،) قيل : لا يتناول
__________________
(١) اللّقطة : اسم للشيء الذي تجده ملقى فتأخذه. انظر المصباح المنير ص (٢١٢).
(٢) انظر : تفسير القرآن للسمعاني (١ / ٣٩٨) ، ومعالم التنزيل (٢ / ١٦٥) ، والجامع لأحكام القرآن (٥ / ٣٤) ، والبحر المحيط (٣ / ١٧٩).
(٣) كتدريبه على بعض الأعمال والصنائع ، وإذا كانت بنتا عهد إليها أمر البيت ، وكلفت ببعض الأعمال : كالغزل ورعاية الصغار وغير ذلك.
انظر : أحكام القرآن للجصاص (٢ / ٦١ ، ٦٢) ، وتفسير غرائب القرآن (٢ / ٣٥٣) ، والبحر المحيط (٣ / ١٧٩) ، وأنوار التنزيل (١ / ٢٠١) ، وإرشاد العقل السليم (٢ / ١٤٥).
(٤) قال السمعاني : «والصحيح أنه أراد به الاختبار قبل البلوغ». تفسير القرآن للسمعاني (١ / ٣٩٨) ، وانظر : أحكام القرآن للجصاص (٢ / ٦١).
(٥) انظر : مجاز القرآن (١ / ١١٧) وجامع البيان (٧ / ٥٧٩ ، ٥٨٠) حيث قال : «الإسراف : الإفراط».