مُبْصِرُونَ)(١) ولم يستمروا على فعل الشر ، ثم قال : (وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللهُ) على سبيل الاعتراض بينه وبين تمام الكلام ؛ تنبيها أن الإنسان لا يجب أن يلتجىء إلا إلى الله ، وبين أنه [من](٢) فعل ذلك لم يقتصر تعالى معه على ترك الذنب عليه ، بل يجعل له جنات ، وجعل هذه الجنات على أوصاف يتصورها الوهم ، ويدرك مثلها الحس ، وجعل للفرقة الأولى جنة لا يتصورها الوهم ، ولا يحيط بها الحسّ ، فإن جنّة عرضها السموات والأرض مع كونها في السماء إشارة إلى ما قاله صلىاللهعليهوسلم : «ما لا عين رأت» (٣) ، وذلك مما لا يتصوّره الوهم ، ولما كانت الفرقة الأولى عاملت أنفسهم وعباد الله بضرب عامل الله به عباد الله وهو الجود والحلم والعفو ، سماهم هو تعالى بما استحقه ، وهو المحسن ، وقابلهم بمقابلة يطلبها هو من العباد أن يقابلوه بها ، وهي المحبة ، فقال : (وَاللهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ)(٤) والفرقة الثانية : عاملت أنفسها وعباد الله بما لا يصح أن يوصف الله به ، بل يوصف به العبد المتدارك لتقصيره ، جعلهم من العملة
__________________
(١) سورة الأعراف ، الآية : ٢٠١.
(٢) زيادة يقتضيها السياق.
(٣) تقدم تخريجه ص (٨٥٦).
(٤) سورة آل عمران ، الآية : ١٣٤.