إعادته ، واقتضى إعادته أيضا ذكر قوله : (وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَواتِ) ليبين أن إرادة الله لكم مضادة لما يريدونه ، وأما تأخير المخبر عنه في قوله : (وَيُرِيدُ الَّذِينَ) فيجوز أنه جعل الواو للحال لا العطف ، تنبيها أنه يريد التوبة عليكم في حال ما يريدون أن تميلوا ، فخالف بين الإخبارين ليبين أن الثاني ليس على العطف (١) ، وتخصيص الميل العظيم هو أن الإنسان قد يترك تحري الخيرات من الإيمان والأعمال الصالحة ، إما لعارض شغل وإما لكسل ، وإما لضلالة ، وهو أن يسبق إلى اعتقاد باطل فينشأ عليه ، وإما لفسق وهو / أن يكون مع الاعتقاد يستلذ تعاطي الشر ، ومن تركه للشغل فهو أسهل معالجة ممن يتركه لكسل ، ومن تركه للكسل
__________________
(١) نقل أبو حيّان عن الراغب هذا الوجه وجعله مرجوحا فقال : «وأجاز الراغب أن تكون الواو للحال لا للعطف ، قال : تنبيها على أنه يريد التوبة عليكم في حال أن تميلوا ، فخالف بين الإخبارين في تقديم المخبر عنه في الجملة الأولى ، وتأخيره في الجملة الثانية ، ليبين أن الثاني ليس على العطف. انتهى. وهذا ليس بجيد ، لأن إرادته تعالى التوبة علينا ليست مقيدة بإرادة غيره الميل ، ولأن المضارع باشرته الواو وذلك لا يجوز ، وقد جاء منه شيء نادر ، يؤوّل على إضمار مبتدأ قبله ، لا ينبغي أن يحمل القرآن عليه ، لا سيما إذا كان للكلام محمل صحيح فصيح ، فحمله على النادر تعسّف لا يجوز». البحر المحيط (٣ / ٢٣٦ ، ٢٣٧) ، وانظر : الدر المصون (٣ / ٦٦١ ، ٦٦٢) حيث نقل السمين الحلبي اختيار الراغب والردّ عليه بشيء من التفصيل.