إليه من الثواب العظيم لتعرفوه ، فيخف عليكم الصبر في تحريه ، فالإنسان لا يمكنه الصبر فيما لا يعرف ثمرة الصبر فيه ، ولهذا قال : (وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلى ما لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْراً)(١) ، الخامس : يريد الله أن يخفف عنكم بما يحمّلكم من التعب ، فإن كل تعب يفضي إلى راحة عظيمة ، فذلك في الحقيقة راحة ، ولهذا قيل للرجل يتحمل تعبا عظيما في عبادة : ألا تريح نفسك؟ فقال : راحتها أريد. السادس : إنه لم يعن بالتخفيف ما يستخفه الطبع وتميل إليه النفس ، وإنما عنى ما يخف به تحمل ما يبلغنا إلى ثوابه (٢) ، وعلى نحو هذه الآية قوله : (يُرِيدُ اللهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ)(٣) وقوله : (وَما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ)(٤) ، ووصف الإنسان بأنه خلق (٥) ضعيفا إنما (٦) هو باعتباره بالملأ الأعلى نحو :
__________________
ـ القرآن (١ / ٤١٨) ، وأبو حيان في البحر المحيط (٣ / ٢٣٧) ، ولم ينسباه.
(١) سورة الكهف ، الآية : ٦٨.
(٢) هذه الأقوال الثلاثة السابقة تتقارب وقد ذكر أبو حيان نحوا منها في البحر المحيط (٣ / ٢٣٧).
(٣) سورة البقرة ، الآية : ١٨٥.
(٤) سورة الحج ، الآية : ٦٨.
(٥) في الأصل (مخلوق) والصواب ما أثبته ، وهكذا نقله أبو حيان عن الراغب في البحر المحيط (٣ / ٢٣٧).
(٦) في الأصل (أنه) والصواب ما أثبته ، وهكذا نقله أبو حيان عن الراغب