العلم والعمل الصالح المدلول عليه بقوله تعالى : (وَما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ)(١) ولذلك سمى من صرف نفسه في غير ذلك خاسرا ، حيث قال : (إِنَّ الْخاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ)(٢) الآية. قال : وقتل النفس في الحقيقة ترفيهها في الدنيا ، وباعتبار الدنيا والآخرة أمر الإنسان تارة بقتل نفسه أي قمعها وتذليلها ، ونهي تارة عن قتلها ، ومثل هذه الآية قوله تعالى : (وَإِذْ أَخَذْنا مِيثاقَكُمْ لا تَسْفِكُونَ دِماءَكُمْ)(٣) ويجري مجراها في احتمال / النظرين قوله : (وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللهِ وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ)(٤).
قوله تعالى : (وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ عُدْواناً وَظُلْماً فَسَوْفَ نُصْلِيهِ ناراً وَكانَ ذلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيراً)(٥) العدوان تجاوز العدالة بإفراط (٦) ، وذلك أن العدل هو الوسط الذي تجاوزه الإفراط والقصور عنه جميعا ، فمن حاد عنه قيل : جار ، ومن بالغ في
__________________
(١) سورة الذاريات ، الآية : ٥٦.
(٢) سورة الشورى ، الآية : ٤٥.
(٣) سورة البقرة ، الآية : ٨٤.
(٤) سورة البقرة ، الآية : ١٩٥.
(٥) سورة النساء ، الآية : ٣٠.
(٦) انظر : جامع البيان (٨ / ٢٣١) ، وغريب القرآن ص (٣٤١) ، والمحرر الوجيز (٤ / ٩٤).