الجور قيل : طغى ، ومن تخطاه بإفراط قيل : تعدّى ، وقيل لجميع ذلك : الظلم ، فالظلم أعم الأسماء (١) ، إن قيل : كيف جمع بين الظلم والعدوان ، وقدم العدوان مع كونه أخصّ من الظلم ، وحكم العام والخاص إذا اجتمعا أن يقدم العام على الخاص ، نحو قوله : (مَنْ كانَ عَدُوًّا لِلَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكالَ)(٢) قيل : في ذلك جوابان : الأول : أن يكون العدوان إشارة إلى الظلم الذي يتجاوزه الإنسان إلى غيره ، وعنى بالظلم ظلم النفس المعني في قوله : (ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ)(٣) وهو الإثم المذكور في قوله تعالى : (وَلا تَعاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوانِ)(٤) فبيّن أن من جمع بين الأمرين فقد ظلم نفسه ، وظلم غيره ، فهو مستوجب للنار ، على هذا يكون المعني بالظلم غير المعني بالعدوان (٥) ، الثاني : أنه قدّم العدوان الذي هو أخصّ من الظلم تنبيها أن من ارتكب صغيرة ولم يقمع نفسه عنها جرّته إلى ما هو أعظم منها ، فنبه أن حق
__________________
(١) انظر : معاني القرآن وإعرابه (٢ / ٤٤) ، والزاهر (١ / ١١٦) ، وتهذيب اللغة (٨ / ١٦٧) ، والمحكم (٢ / ٢٢٧) ، و (٧ / ٣٧٦).
(٢) سورة البقرة ، الآية : ٩٨.
(٣) سورة هود ، الآية : ١٠١.
(٤) سورة المائدة ، الآية : ٢.
(٥) ذكر هذا الوجه البيضاوي في أنوار التنزيل (١ / ٢١١) ، وأبو السعود في «إرشاد العقل السليم» (٢ / ١٧٠).