وأرى قائل هذا تصوّر الظّنّ بصورة العلم ، فأطلق عليه اسمه ، فأكثر الخوف مضمّن بالظن ، وقوله : (فَعِظُوهُنَ) تنبيه على أنها توعظ أولا ، ثم تهجر ، ثم تضرب ، وهذا مقتضى حكمة السياسة (١) ، وعليه بني قول الشاعر :
أناة فإن لم تغن عقّب بعدها |
|
وعيد فإن لم تغن أغنت عزائمه (٢) |
وقوله : (وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضاجِعِ) كالتصريح في الكناية عن الجماع (٣) ، وقول من قال : هجر الكلام فليس بشيء (٤) ،
__________________
(١) قال النسفي : «أمر بوعظهن أولا ، ثم بهجرانهن في المضاجع ، ثم بالضرب إن لم ينجع فيهن الوعظ والهجران» مدارك التأويل (١ / ٣٥٥).
(٢) البيت لإبراهيم الصولي وهو من بحر الطويل وقد ختم به مسألة أمره الخليفة المتوكل أن يكتبها لأهل حمص لمّا أخرجوا عاملها. انظر : الأوائل للعسكري (١ / ٣٧١) ، وصبح الأعشى (٦ / ٢٩٦) ، ومجمع البلاغة (١ / ١٩٢) ، ومعجم الأدباء (١ / ١٨٨).
(٣) وهذا مروي عن ابن عباس ، والسدي ، والضحاك ، وسعيد بن جبير.
انظر : جامع البيان (٧ / ٣٠٢ ، ٣٠٣) ، وتفسير القرآن العظيم لابن أبي حاتم (٣ / ٩٤٢) ، والنكت والعيون (١ / ٤٨٢) ، والجامع لأحكام القرآن (٥ / ١٧١) ، والبحر المحيط (٣ / ٢٥٢) ، وتفسير القرآن العظيم لابن كثير (١ / ٤٦٦).
(٤) وهذا مروي أيضا عن ابن عباس وعن عكرمة والضحاك والسدي.
انظر : جامع البيان (٨ / ٣٠٤) ، وتفسير القرآن العظيم لابن أبي حاتم