بين أن يكون الحكمان من أقاربهما ، أو من قبلهما ، وقال ابن عباس : إرادتهما الإصلاح أن يخلو كل واحد من الحكمين بأحد الزوجين ، فيتعرّف حاله في السّرّ ليبني الأمر عليه (١) ، وفي الآية دلالة على أن كلّ أمر وقع فيه تنازع يجوز فيه التحكيم ، وبهذه (٢) الآية استدل في أمر الحكمين ، ونبّه بقوله : (إِنْ يُرِيدا إِصْلاحاً يُوَفِّقِ اللهُ بَيْنَهُما) أن من أصلح نيته في أمر يتحرّاه أصلح الله مبتغاه ، كما روي في الخبر أن «من أصلح سريرته أصلح الله علانيته» (٣) ، وقيل : إذا فسدت النيّة وقعت البليّة.
قوله تعالى : (وَاعْبُدُوا اللهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً)(٤) الآية. الجار اعتبارا بكونه من ناحية دارك ، من قولهم : جار عن الطريق ، ثم جعل أصلا في بابه ، فقيل : استجرت فلانا
__________________
ـ القرآن العظيم لابن كثير (١ / ٤٦٧).
(١) انظر : مدارك التنزيل (١ / ٣٥٦) ، والبحر المحيط (٢٥٤).
(٢) في الأصل : (وهذه) والصواب ما أثبتّه.
(٣) ذكره ابن كثير في تفسير القرآن العظيم (٤ / ٢٠٥) من قول عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، ولم أجده مرفوعا.
(٤) سورة النساء ، الآية : ٣٦ ، ونصّها : (وَاعْبُدُوا اللهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً وَبِذِي الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينِ وَالْجارِ ذِي الْقُرْبى وَالْجارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ مَنْ كانَ مُخْتالاً فَخُوراً).