أعظم المعايب ، لقوله صلىاللهعليهوسلم : «أي داء أدوى من البخل؟» (١) وأعظم منه حثّ الغير عليه (٢) ، وكأن الشاعر بهذه الآية ألمّ في قوله :
وإن امرأ ضنّت يداه على امرئ |
|
بنيل يد من غيره لبخيل (٣) |
وقالوا : فلان يمنع درّه (٤) ودرّ غيره ، والحرّ يعطي والعبد يألم قلبه (٥) ، ولم يرد تعالى بالبخل البخل بالمال فقط ، بل بجميع ما منه نفع الغير ، من نصرة وعلم (٦) ، ودخل في عموم الأمر بالبخل : من ترك شكر من أحسن إليه ، أو أخل بقضاء دين فيصير سببا لمنع الإسداء إلى الغير ، ولهذا قيل : لعن الله قاطعي المعروف ، وقال بعضهم : معناه يبخلون ويتأمرون على الناس ، ويأمرونهم
__________________
(١) أخرجه الحاكم في المستدرك (٣ / ٢١٩) ، وقال : صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه. ووافقه الذهبي ، والطبراني في الكبير (١٩ / ٨١) ، والخطيب البغدادي في التاريخ (٤ / ٢١٧) ، وعبد الرزاق في المصنف رقم (٢٠٧٠٥) ، وذكره الهيثمي في المجمع (٩ / ٣١٥) وقال : رواه الطبراني في الأوسط ورجاله رجال الصحيح غير شيخ الطبراني.
(٢) قال الراغب : «والبخل ضربان : بخل بقنيات نفسه ، وبخل بقنيات غيره ، وهو أكثر ذمّا ..» المفردات ص (١٠٩).
(٣) البيت لأبي تمّام. انظر : ديوانه (٤ / ٤٨٦).
(٤) درّه : لبنه. انظر : مختار الصحاح ص (٢٠٢).
(٥) انظر : مجمع البلاغة ص (٤١٤).
(٦) ذكر أبو حيان هذه العبارة في البحر المحيط (٣ / ٢٥٦) ونسبها للراغب.