الآحاد تردّ فيما تعافه العقول الصحيحة (١) ، وقد علم أن العفو من باب الإحسان الذي حثنا عليه العقل والشرع ، وبتحريه يصير العبد من الصديقين والشهداء والصالحين ، والافتراء : يقال في القول والفعل كالصدق والكذب ، بل الافتراء وإن تعورف في القول فهو بالفعل أولى ، وكذا الاختلاق ، لأنهما من فريت الأديم وخلقته (٢) ، ومعنى الإثم العظيم هو الذي إذا اعتبر بالآثام كان
__________________
ـ وقد حكى بعض العلماء الإجماع على ذلك. قال الإمام ابن عبد البر : «وكلهم يدين بخبر الواحد العدل في الاعتقادات ، ويعادي ويوالي عليها ، ويجعلها شرعا ودينا في معتقده ، على ذلك جماعة أهل السنة».
التمهيد (١ / ٨). وقال شيخ الإسلام ابن تيمية : «مذهب أصحابنا أن أخبار الآحاد المتلقاة بالقبول تصلح لإثبات أصول الديانات» المسوّدة ص (٢٤٨). وانظر : مجموع فتاوى شيخ الإسلام (١٨ / ١٦) ، (٢٠ / ٢٥٧) ، والرد على المنطقيين ص (٣٧ ـ ٣٨).
(١) مذهب أهل السنة والجماعة تقديم الشرع على العقل وألّا تعارض النصوص الصحيحة بدعوى مخالفتها للعقل ، لأن العقول تتفاوت. قال شيخ الإسلام ابن تيمية : «ولهذا لا يوجد في كلام أحد من السلف أنه عارض القرآن بعقل ورأي وقياس ، ولا بذوق ووجد ومكاشفة. ولا قال قط : قد تعارض في هذا العقل والنقل ، فضلا عن أن يقول : فيجب تقديم العقل» مجموع الفتاوى (١٣ / ٢٨ ، ٢٩) ، وانظر : درء تعارض العقل والنقل (٥ / ٢٥٥ ، ٢٥٦).
(٢) انظر : معاني الافتراء في : جامع البيان (٨ / ٤٥١) ، ومعاني القرآن وإعرابه