أولاهم كمال الإنسانية ، وفيه تنبيه أنهم خارجون عن جملتهم ، ونبّه أنه كما آتاهم الفضل فقد آتى آل إبراهيم ما ذكره ، وأنه لو كان ما آتى محمدا يقتضي أن يحسد عليه فما آتى آل إبراهيم أولى بذلك ، فيكون الكتاب والحكمة راجعا إلى ما أوتي موسى وعيسى عليهماالسلام وغيرهما (١) ويجوز أن يكون الكتاب والحكمة إشارة إلى ما أوتي النبي صلىاللهعليهوسلم ، ويكون فيه تنبيه ، وما أنعم الله عليه هو إنعام عليهم إذ كان معرضا لانتفاعهم به ، والملك العظيم قيل : ملك سليمان (٢) ، والأصحّ أنه عامّ ، وأنه لم يعن به تملّك الغير ، بل هو عام في ذلك ، وفيما اقتضى تملّك الإنسان على نفسه وقمعه لحرصه وسائر شهواته ، فذلك هو أعظم الملكين ، وقوله : (فَمِنْهُمْ)(٣) قال مجاهد : أي من أهل الكتاب من آمن بمحمد صلىاللهعليهوسلم (٤) ، وقيل : منهم من آمن بإبراهيم من أمته ، كما أنكم في أمر
__________________
(١) انظر : جامع البيان (٨ / ٤٨٠) ، وتفسير القرآن للسمعاني (١ / ٤٣٧) ، وأنوار التنزيل (١ / ٢١٩) ، وإرشاد العقل السليم (٢ / ١٩٠).
(٢) وهذا مروي عن ابن عباس. انظر : جامع البيان (٨ / ٤٨١) ، والنكت والعيون (١ / ٤٩٧) ، وزاد المسير (٢ / ١١١).
(٣) سورة النساء ، الآية : ٥٥ ، ونصّها : (فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ بِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ صَدَّ عَنْهُ وَكَفى بِجَهَنَّمَ سَعِيراً).
(٤) انظر : جامع البيان (٨ / ٤٨٢ ، ٤٨٣) ، وتفسير القرآن العظيم لابن أبي حاتم (٣ / ٩٨١) ، ومعالم التنزيل (٢ / ٢٣٦) ، وزاد المسير (٢ / ١١٢).