قوله تعالى : (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ)(١) الآية. قد تقدّم الكلام في ذكر الإيمان والأعمال الصالحة ، ومعنى الجنات التي تجري من تحتها الأنهار ، وذكر الخلود فيها أبدا ، والأزواج المطهّرة (٢) ، فأما قوله : (ظِلًّا ظَلِيلاً) فإشارة إلى النعمة ، والنعمة الدائمة ، كما يقال : أنا في ظلك (٣) ، وكما روي في الخبر : «سبعة يظلهم الله في ظلّ عرشه يوم لا ظل إلا ظله» (٤) ، والظليل إشارة
__________________
(١) سورة النساء ، الآية : ٥٧ ، ونصّها : (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها أَبَداً لَهُمْ فِيها أَزْواجٌ مُطَهَّرَةٌ وَنُدْخِلُهُمْ ظِلًّا ظَلِيلاً).
(٢) انظر : تفسير الراغب (ق ٢٩ ـ مخطوط). عند تفسيره لقوله تعالى : (وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ كُلَّما رُزِقُوا مِنْها مِنْ ثَمَرَةٍ رِزْقاً قالُوا هذَا الَّذِي رُزِقْنا مِنْ قَبْلُ وَأُتُوا بِهِ مُتَشابِهاً وَلَهُمْ فِيها أَزْواجٌ مُطَهَّرَةٌ وَهُمْ فِيها خالِدُونَ) [البقرة : ٢٥].
(٣) ذهب عامة المفسرين إلى أن الظل في الآية ظل حقيقي. قال الطبري : يقول : وندخلهم ظلّا كنينا كما قال جلّ ثناؤه : (وَظِلٍّ مَمْدُودٍ)[الواقعة : ٣٠].
وقال ابن عطية : «أي : ظل لا يستحيل ولا ينتقل». وقال ابن كثير : «أي ظلّا عميقا كثيرا غزيرا طيبا أنيقا». انظر : جامع البيان (٨ / ٤٨٩) ، والمحرر الوجيز (٤ / ١٥٥) ، وتفسير القرآن العظيم لابن كثير (١ / ٤٨٨) ، وأسند ابن أبي حاتم في تفسير القرآن العظيم (٣ / ٩٨٥) عن الربيع أنه قال : «هو ظل العرش الذي لا يزول».
(٤) رواه البخاري في كتاب الأذان ، باب «من جلس في المسجد ينتظر الصلاة