عن الروح لم يلحقهما ألم ، فعلم أن المقصود بالألم ما فيه الروح دون الجلود والأغشية ، ولكون البدن للروح كالثياب للبدن ، يعبّر بالثياب عن البدن كقوله : (وَثِيابَكَ فَطَهِّرْ)(١) وقول الشاعر :
ثياب بني عوف طهارى نقية (٢) |
|
..................... |
وقوله تعالى : (لِيَذُوقُوا الْعَذابَ) استعارة متناهية في وصول الألم إلى الباطن ، وعلى ذلك استعير لهم الطعام في قوله : (وَطَعاماً ذا غُصَّةٍ وَعَذاباً أَلِيماً)(٣) ذكر مع الذوق المس في قوله : (ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ)(٤) تنبيها أن ذلك استعارة ، ونبّه بقوله : (إِنَّ اللهَ كانَ عَزِيزاً حَكِيماً) أن لا سبيل إلى الامتناع عليه والفرار من عذابه ، وبقوله : (حَكِيماً) أن ذلك تقتضيه الحكمة.
__________________
(١) سورة المدثر ، الآية : ٤.
(٢) صدر بيت من بحر الطويل لامرئ القيس وتمامه :
ثياب بني عوف طهارى نقيّة |
|
وأوجههم عند المشاهد غران |
انظر : ديوان امرئ القيس برواية الأعلم الشنتمري ص (١٩٩) ، وأشعار الشعراء الستة الجاهليين (١ / ٧٧) ، والمعاني الكبير (١ / ٤٨١) ، وتهذيب اللغة (٦ / ١٧١).
(٣) سورة المزمل ، الآية : ١٣.
(٤) سورة القمر ، الآية : ٤٨.