معطوفا على قوله : (أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ ،) وذاك أنه لما ضمن للصابرين دخول الجنة في غير موضع ، بين ههنا أن لا يدخلوها محكوما لهم بالصبر ، ولما يجاهدوا ، إذ كان الصبر لا يثبت إلا بمجاهدة النفس (١) ، ولم يعن بالمجاهدة الجهاد في حرب الكفار فقط ، بل أراد ذلك ومجاهدة الشيطان والنفس المدلول عليها بقوله صلىاللهعليهوسلم «جاهدوا أهواءكم كما تجاهدون أعداءكم» (٢) ، ونحو هذه الآية قوله : (وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجاهِدِينَ مِنْكُمْ)(٣).
قوله تعالى : (وَلَقَدْ كُنْتُمْ تَمَنَّوْنَ الْمَوْتَ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَلْقَوْهُ فَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ)(٤) سبب نزولها أن قوما لم يحضروا بدرا كانوا يقولون : ليت لنا يوما مثله ، حتى نجاهد (٥). وقيل : سببه
__________________
(١) انظر : التفسير الكبير (٩ / ١٧) ، وتفسير غرائب القرآن (٢ / ٢٦٩) ، ونظم الدرر (٢ / ١٦١).
(٢) لم أجده مرفوعا ونسبه الزمخشري في «ربيع الأبرار» لمالك بن دينار.
انظر : «ربيع الأبرار» (٢ / ٤٧٠).
(٣) سورة محمد ، الآية : ٣١.
(٤) سورة آل عمران ، الآية : ١٤٣.
(٥) روي ذلك عن ابن عباس ، ومجاهد ، وقتادة ، والربيع ، والحسن ، والسدي. انظر : جامع البيان (٧ / ٢٤٨ ـ ٢٥٠) ، وتفسير القرآن العظيم لابن أبي حاتم (٣ / ٧٧٦) ، والنكت والعيون (١ / ٤٢٧) ، والجامع لأحكام القرآن (٤ / ٢٢٠ ، ٢٢١) ، والبحر المحيط (٣ / ٧٣).