يتمنّوا قتل المشركين لهم ، فإن قتل المشركين لهم كفر بالله ، ولا يجوز للمؤمن أن يتمنّى الكفر بالله (١) ، وإنما تمنّوا الموت الذي هو فعل الله في الحال ، التي يكون فيها أبعد من المعاصي ، فهذا تحيّل لمراد القوم إنما تمنوا حربا ليبلوا فيها بلاء حسنا.
قوله تعالى : (وَما مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي اللهُ الشَّاكِرِينَ)(٢) روي أنه لما كان يوم أحد (٣) نادى مناد : قتل محمّد ، فقال قوم : علام نقاتل وقد قتل رسول الله؟! فأنزل الله ذلك (٤) ، والإشارة بالمعنى إلى ما قال أبو بكر لما مات النبي صلىاللهعليهوسلم : «من كان يعبد محمدا فإنه قد مات ، ومن كان
__________________
ـ البيان (٧ / ٢٤٨). وانظر : تفسير القرآن للسمعاني (١ / ٣٦٢).
(١) قال القرطبي : «وتمني الموت يرجع من المسلمين إلى تمني الشهادة ، المبنية على الثبات والصبر على الجهاد ، لا إلى قتل الكفار لهم ، لأنه معصية وكفر ولا يجوز إرادة المعصية. الجامع (٤ / ٢٢١).
(٢) سورة آل عمران ، الآية : ١٤٤.
(٣) أحد : اسم الجبل الذي كانت عنده غزوة أحد ، وهو جبل أحمر بينه وبين المدينة قرابة ميل في شماليها. معجم البلدان (١ / ١٠٩).
(٤) رواه الطبري في جامع البيان (٧ / ٢٥٣ ـ ٢٥٨) ، وابن أبي حاتم في تفسير القرآن العظيم (٣ / ٧٧٧ ، ٧٧٨) ، وانظر : الدر المنثور للسيوطي (٢ / ١٤٣).