فحقّ للواعظ أن يتوصل أولا إلى كشف قبحه ، وما يعرض فيه من الفساد ، ثم يصرّح بتحريمه ، والنهي عنه ، وقول الحسن : إنه عنى بالذين كفروا : اليهود والنصارى (١) ، وقول السدّي : إنه أراد المشركين أبا سفيان وأصحابه (٢) ، فكلاهما صحيح ، فاللفظ عام ، ومطاوعتهما تردّ على الأعقاب وتورث الخسران.
قوله تعالى : (بَلِ اللهُ مَوْلاكُمْ وَهُوَ خَيْرُ النَّاصِرِينَ)(٣) لما تقرر في العقول : أن المولى يعزّ بحسب عزّة مواليه ، وتقرر عند المسلمين أن الله هو العزيز في الحقيقة ، وأن كل عزيز فمنه وبه يعزّ ، وقد كان نهاهم في الآية المتقدمة عن موالاة الكفار ، والدخول تحت طاعتهم [بيّن](٤) أن [من
__________________
(١) لم أجد هذا القول منسوبا للحسن ، وإنما وجدته منسوبا لابن جريج ، وذلك فيما رواه ابن جرير الطبري في جامع البيان (٧ / ٢٧٧) بسنده عن ابن جريج ، قال : لا تنتصحوا اليهود والنصارى على دينكم. ورواه كذلك ابن أبي حاتم في تفسير القرآن العظيم (٣ / ٧٨٥) ، وذكره ابن الجوزي في زاد المسير (١ / ٤٧٤) عن ابن جريج ، وكذلك السيوطي في الدر المنثور (٢ / ١٤٨).
(٢) رواه ابن جرير الطبري في جامع البيان (٧ / ٢٧٧) ، وابن أبي حاتم في تفسير القرآن العظيم (٣ / ٧٨٤) ، وذكره السيوطي في الدر المنثور (٢ / ١٤٨) ، وعزاه لهما.
(٣) سورة آل عمران ، الآية : ١٥٠.
(٤) ليست في الأصل والسياق يقتضيها.