قال : (وَلَأَجْرُ الْآخِرَةِ خَيْرٌ لِلَّذِينَ آمَنُوا ...)(١) الآية.
قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا الَّذِينَ كَفَرُوا ...)(٢) الآية. هذا هو المعنى المذكور في قوله : (إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقاً مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ يَرُدُّوكُمْ)(٣) ، لكنه لما ذكر هناك باللفظ العام وهو أهل الكتاب الواقع على مؤمنهم وكافرهم خصّ فريقا منهم ، فإن قيل : لم غيّر العبارتين (٤)؟ ولم كرر ذلك؟ قيل : إنه عرّض في الأول بالنهي ، فلما بيّن أحوال المنهيّ عن طاعتهم ، ونبّه على فساد طريقتهم وإرادتهم الشر بالمسلمين أعاد النهي عن طاعتهم مصرّحا (٥) ، وهذه الطريقة يسلكها الوعظة المهرة ، فنهي الإنسان عما يهواه إذا لم يعرف قبحه إغراء بفعله ،
__________________
(١) الآية ٥٧ من سورة يوسف وتمامها : (وَلَأَجْرُ الْآخِرَةِ خَيْرٌ لِلَّذِينَ آمَنُوا وَكانُوا يَتَّقُونَ).
(٢) سورة آل عمران ، الآية : ١٤٩. ونصها : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا الَّذِينَ كَفَرُوا يَرُدُّوكُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خاسِرِينَ).
(٣) سورة آل عمران ، الآية : ١٠٠.
(٤) في الأصل (العبارتان) ، والصواب ما أثبته.
(٥) قال البقاعي بعد أن فسرّ الآية : وذلك ناظر إلى قوله تعالى أول ما حذّر من مكر الكفار : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقاً مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ) وموضح أن جميع هذه الآيات شديد اتصال بعضها ببعض. نظم الدرر (٢ / ١٦٥).