وقوله : (ما لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ) بدل من ما الأولى ، لكن بمعنى المصدر ، إذ لا ضمير يرجع إليه ، والثاني بمعنى الذي ، إذ فيما / بعده ضمير ، ويجوز أن يكون خبر ابتداء مضمر ، أو على تقدير : أعني شيئا لم ينزل به سلطانا ، والمعنى لا يختلف (١) ، ونبّه أنه لم يجعل لهم حجة فيما قالوا : (ما نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونا إِلَى اللهِ زُلْفى)(٢) ، ولقوله : (سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ ،) ولظهور حكمه ، وما شوهد
__________________
(١) هذه الأوجه الثلاثة التي ذكرها المؤلف في إعراب (ما) الثانية لا تخلو من تكلف. ولم أجدها لغيره ، والأولى أن تكون (ما) نكرة موصوفة أو اسما موصولا في محل نصب مفعولا به ل «أشركوا». ولعل كثرة ورود الإشراك في القرآن محذوف المفعول به ، أوحى إلى المؤلف بأن (أشركوا) فعل لازم لا يحتاج إلى مفعول. مع أن (أشرك) وردت في القرآن في مواضع مذكورا مفعولها صريحا أو شبه صريح ، منها قوله تعالى : (إِنِّي كَفَرْتُ بِما أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْلُ) [إبراهيم : ٢٢] فياء المتكلم مفعول به ، وقد بقيت نون الوقاية والكسرة الدالتان عليها. وقال تعالى : (وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي) [طه : ٣٢] فالهاء مفعول به. وقال تعالى : (وَكَيْفَ أَخافُ ما أَشْرَكْتُمْ وَلا تَخافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُمْ بِاللهِ ما لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ عَلَيْكُمْ سُلْطاناً) [الأنعام : ٨١] «(ما لم) : «ما» : بمعنى الذي ، أو نكرة موصوفة ، وهي في موضع نصب بأشركتم ...» التّبيان (١ / ٥١٤). وانظر في إعراب الآية : إملاء ما منّ به الرحمن ص (١٥٣) ، والتبيان (١ / ٣٠١) ، والدر المصون (٣ / ٤٣٥).
(٢) سورة الزمر ، الآية : ٣.