قوم : إن الله قد وعدنا نصرنا ، فتغيّرت قلوبهم ، فبيّن تعالى أنه قد صدقكم وعده ، وأخذتم تقتلونهم إلى أن اعتراكم الفشل ، ووقع بينكم تنازع ، فصرفكم عنهم (١) ، وقوله : (مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيا)(٢) قيل : الغنيمة (٣) ، (وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الْآخِرَةَ) أي نصرة النبي في ترك المكان والمبادرة إلى القتال (٤).
__________________
(١) انظر : السيرة النبوية لابن هشام (٣ / ١٦٣ ، ١٦٤) ، وجامع البيان (٧ / ٢٨١ ـ ٢٨٣ ، ٢٨٩ ـ ٢٩١) ، وأسباب النزول ص (١٢٥ ، ١٢٦) ، والمحرر الوجيز (٣ / ٢٦٣ ، ٢٦٤).
(٢) سورة آل عمران ، الآية : ١٥٢.
(٣) انظر : جامع البيان (٧ / ٢٩٣) ، والوسيط (١ / ٥٠٤) ، وتفسير القرآن للسمعاني (١ / ٣٦٧) ، ومعالم التنزيل (٢ / ١١٩) ، والمحرر الوجيز (٣ / ٢٦٤) ، ووضح البرهان (١ / ٢٦١) ، وزاد المسير (١ / ٤٧٦) ، والجامع لأحكام القرآن (٤ / ٢٣٧) ، وتفسير القرآن العظيم لابن كثير (١ / ٣٨٩).
(٤) هذا القول لم أجد من ذكره من المفسرين ، وكأن الراغب وجّه الخطاب في قوله تعالى : (مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الْآخِرَةَ) إلى الرماة دون غيرهم من أفراد الجيش. وقد نقل النيسابوري عن الجبائي المعتزلى نحوا من هذا القول. قال الجبائي : «إن الرماة كانوا فريقين ، بعضهم فارقوا المكان أولا لطلب الغنائم ، وبعضهم بقوا هناك إلى أن أحاط بهم العدو ، وعلموا أنهم لو استمروا على المكث هناك لقتلهم العدو من غير فائدة أصلا ، فلهذا السبب جاز لهم أن يتنحوا عن ذلك