وقال بعض المحققين : إنما ذكر لفظ الإثابة هاهنا في الغمّ ، لأن غمّهم وإن كان مكروها بالطبع فهو ثواب من الله من وجه ، لأنه كان سبب تهذيب نفوسهم ، الذي بيّنه تعالى بقوله : (لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلى ما فاتَكُمْ)(١) ، وكل أمر يؤدي بالإنسان إلى أن يجعله بحيث لا يقلقه فوت مطلوب وفقد محبوب فيا له من ثواب (٢) ، ولهذا قال حكيم : جماع الزهادة في قوله : (لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلى ما فاتَكُمْ وَلا تَفْرَحُوا بِما آتاكُمْ)(٣) فقوله : (غَمًّا) من المفسرين
__________________
وخيل قد دلفت لها بخيل |
|
تحية بينهم ضرب وجيع |
والبيت من بحر الوافر ، ودلفت : زحفت. ويستشهد بهذا البيت على التنويع ، «وهو ادعاء أن مسمى اللفظ نوعان : متعارف وغير متعارف على طريقة التخييل بأن ينزل ما يقع في موقع شيء بدلا عنه منزلته بدون تشبيه ولا استعارة» خزانة الأدب (٩ / ٢٥٨) ، والبيت في ديوان الشاعر (١٣٧) ، الكتاب (٢ / ٣٢٢) ، والمقتضب (٢ / ٢٠) ، والخصائص (١ / ٣٦٨) ، شرح أبيات سيبويه للنحاس ص (١٦٣) ، وللسيرافي (٢ / ١٤٢) ، والخزانة الشاهد رقم (٧٣٧).
(١) سورة الحديد ، الآية : ٢٣.
(٢) ذكر البقاعي نحوا من هذا القول ، فقال : «وسماه وإن كان في صورة العقاب باسم الثواب ، لأنه سببا للسرور ، حين تبين أنه ـ أي خبر قتل الرسول صلىاللهعليهوسلم ـ خبر كاذب ، وأن النبيّ صلىاللهعليهوسلم سالم ، حتى كأنهم ـ كما قال بعضهم : لم تصبهم مصيبة ، فهو من الدواء بالداء». نظم الدرر (٢ / ١٦٨).
(٣) سورة الحديد ، الآية : ٢٣.