يومه فإنه منفخ مطلق للبطن ، والمعلّق حتى يضمر قشره ، جيد للغذاء ، مقوّ للبدن. وغذاؤه كغذاء التّين والزّبيب ، وإذا ألقي عجم العنب كان أكثر تليينا للطبيعة ، والإكثار منه مصدع للرأس ودفع مضرته : بالرمان المزّ ، ومنفعة العنب يسهّل الطبع ، ويسمن ويغذو جيده غذاء حسنا.
وهو أحد الفواكه الثلاث التي هي ملوك الفواكه هو والرّطب والتين.
عنبر :
وأما العنبر الذي هو أحد أنواع الطّيب ، فهو من أفخر أنواعه بعد المسك ، وأخطأ من قدّمه على المسك وجعله سيد أنواع الطّيب ، وقد ثبت عن النبي (ص) ، أنه قال في المسك : «هو أطيب الطّيب. حتى إنه طيب الجنة ، والكثبان التي هي مقاعد الصدّيقين هناك من مسك لا من عنبر.
والذي غرّ هذا القائل : أنه لا يدخله التغيّر على طول الزمان ، فهو كالذهب ، وهذا لا يدل على أنه أفضل من المسك فإنه بهذه الخاصيّة الواحدة ، لا يقاوم ما في المسك من الخواصّ.
وبعد : فضروبه كثيرة ، وألوانه مختلفة ، فمنه : الأبيض والأشهب ، والأحمر والأصفر ، والأخضر والأزرق ، والأسود وذو الألوان ، وأجوده : الأشهب ، ثم الأزرق ، ثم الأصفر ، وأردؤه الأسود.
وقد اختلف الناس في عنصره ، فقالت طائفة : هو نبات ينبت في قعر البحر ، فيبتلعه بعض دوابّه ، فإذا ثملت منه : قذفته رجيعا ، فيقذفه البحر إلى ساحله.
وقيل : طلّ ينزل من السماء في جزائر البحر ، فتلقيه الأمواج إلى الساحل ، وقيل : روث دابة بحرية ، تشبه البقرة ، وقيل : بل هو جفاء من جفاء البحر ، أي : زبد.
وقال صاحب القانون : «هو فيما يظن ينبع من عين في البحر. والذي يقال : أنه زبد البحر ، أو روث دابة بعيد» انتهى.