قبل ظهور الإسلام ، استخدم العرب الوسائل العلاجية نفسها التي استخدمتها كل الشعوب البدوية في الشرق الأدنى والأوسط ، توجّهوا إلى قوى الطبيعة العليا من أجل شفاء مرضاهم ، وكانوا يردّدون عبارات سحرية في زيارتهم أماكن العبادة ، جبّروا الكسور وأعدّوا المراهم واستحضروا أدوية شراب من أعشاب الصحراء ، وبعد ما انتشر الإسلام من الهند شرقا حتى المحيط الأطلسي غربا ، وبانتشار اللغة العربية خلال هذه المنطقة الشاسعة ، يسّرت التواصل بين الطب والأطباء وسط هذا العالم.
خلال القرن السادس للميلاد برز أطباء يهود ومنهم عسّاف الطبري الذي ميّز بين الشرايين والأوردة ، وقال بأن القلب هو مركز الدورة الدموية ، ووضع عدّة كتب منها كتاب في أمراض الهضم ، وخلال القرن السابع للميلاد ، وبعد انتشار الإسلام على طول الشاطىء الجنوبي للبحر المتوسط بشكل كامل ، برز عدد من الأطباء اليهود خاصّة في المغرب وفي إسبانيا ، وكانت معظم مؤلّفاتهم مستوحاة من الإغريق.
الطب عند العرب :
كان الطب في البدء كما سبق وذكرنا ، سحرا وشعوذة وتهاويل ، مقرونا بمظاهر الطبيعة والأرواح ، ثم بدأ يأخذ شكلا آخر كالكي والفصد وصناعة بعض العقاقير من النباتات والأشجار المعروفة لديهم آنذاك ، معتمدين على التغذية والحمية والتجربة.
لقد ورد في الكتب الطبيّة العربية ، أنّ العرب عرفوا الأوبئة مع ذكر أسبابها وعلاماتها ومعالجتها ، قالوا عن الوباء ، «هو كل مرض عام» ، وقالوا :
ـ إن الهواء هو إحدى الطرق لانتقال الحشرات والهوام ومعها الجراثيم.
ـ وفي الماء قالوا : «يفسد الماء عن طريق العفونة أو وجود أجسام متعفّنة فيه ، وهو ينقل الجراثيم الوبائية المسبّبة لكلّ من الكوليرا والحمّى التيفوئيدية ، والزحار.