وأما حديث عائشة رضي الله عنها ـ الذي رواه أبو داود مرفوعا ـ : «لا تقطعوا اللحم بالسّكين : فإنه من صنع الأعاجم ، وانهشوه نهشا ؛ فإنه أهنأ وأمرأ» ؛ فرده الإمام أحمد وصح عنه (ص) ـ : من قطعه بالسكين ـ في حديثين. وقد تقدّما.
واللحم أجناس يختلف باختلاف أصوله وطبائعه. فنذكر حكم كل جنس وطبعه ، ومنفعته ومضرته.
(لحم الضأن) : حار في الثانية ، رطب في الأولى. جيده الحوليّ : يولّد الدم المحمود المقوّي لمن جاد هضمه. يصلح لأصحاب الأمزجة الباردة والمعتدلة ، ولأهل الرياضات التامة ، في المواضع والفصول الباردة. نافع لأصحاب المرّة السوداء. يقوّي الذهن والحفظ. ولحم الهرم والعجيف رديء ، وكذلك لحم النعاج.
وأجوده : لحم الذكر الأسود منه. فإنه أخف وألذ وأنفع. والخصيّ أنفع وأجود. والأحمر من الحيوان السمين أخف وأجود غذاء والجذع من المعز أقل تغذية ، ويطفو في المعدة.
وأفضل اللحم : عائذه بالعظم. والأيمن أخف وأجود من الأيسر ، والمقدّم أفضل من المؤخر. وكان أحبّ الشاة إلى رسول الله (ص) مقدمها. وكلّ ما علا منه ـ سوى الرأس ـ وكان أخفّ وأجود مما سفل. وأعطى الفرزدق رجلا يشتري له لحما ، وقال له : خذ المقدّم ، وإياك والرأس والبطن : فإن الداء فيهما.
ولحم العنق جيد لذيذ ، سريع الهضم خفيف. ولحم الذراع أخف اللحم وألذّه وألطفه وأبعده من الأذى ، وأسرعه انهضاما. وفي الصحيحين : أنه كان يعجب رسول الله (ص).
ولحم الظهر كثير الغذاء ، يولّد دما محمودا. وفي سنن ابن ماجة مرفوعا : «أطيب اللحم : لحم الظهر».