(لحم الفرس) : ثبت في الصحيح ، عن أسماء رضي الله عنها ، قالت : «نحرنا فرسا فأكلناه على عهد رسول الله (ص)». وثبت عنه (ص) : «أنه أذن في لحوم الخيل ، ونهى عن لحوم الحمر». أخرجاه في الصحيحين.
ولا يثبت عنه حديث المقدام بن معد يكرب رضي الله عنه : «أنه نهى عنه». قاله أبو داود وغيره من أهل الحديث. واقترانه بالبغال والحمير في القرآن : لا يدل على أن حكم لحمه حكم لحومها بوجه من الوجوه ؛ كما لا يدل على أن حكمها في السهم في الغنيمة حكم الفرس. والله سبحانه يقرن في الذكر بين المتماثلات تارة ، وبين المختلفات ، وبين المتضادّات. وليس في قوله (لِتَرْكَبُوها) ؛ ما يمنع من أكلها. كما ليس فيه ما يمنع من غير الركوب : من وجوه الانتفاع. وإنما نصّ على أجلّ منافعها ، وهو : الركوب. والحديثان في حلّها صحيحان ، لا معارض لهما.
وبعد : فلحمها حار يابس ، غليظ سوداويّ ، مضر لا يصلح للأبدان اللطيفة.
(لحم الجمل) : إنه أحد الفروق بين اليهود وأهل الإسلام. وقد علم ـ بالاضطرار من دين الإسلام ـ جلّه. وطالما أكله رسول الله (ص) وأصحابه : حضرا وسفرا.
ولحم الفصيل منه : من ألذّ اللحوم وأطيبها ، وأقواها غذاء. وهو لمن اعتاده ، بمنزلة لحم الضأن : لا يضرهم البتة ، ولا يولّد لهم داء. وإنما ذمه بعض الأطباء بالنسبة إلى أهل الرفاهية : من أهل الحضر الذين لم يعتادوه. فإنه فيه حرارة ويبسا. وتوليدا للسوداء. وهو عسر الانهضام.
وفيه قوة غير محمودة ؛ لأجلها أمر النبي (ص) ، بالوضوء من أكله ، في حديثين صحيحين : لا معارض لهما. ولا يصح تأويلهما بغسل اليد : لأنه خلاف المعهود من الوضوء في كلامه (ص) ؛ لتفريقه بينه وبين لحم الغنم : فخيّر بين الوضوء وتركه منها ، وحتّم الوضوء من لحوم الإبل. ولو حمل الوضوء على غسل اليد فقط ، لحمل على ذلك قوله : «من مسّ فرجه فليتوضأ.