وبوضوح تام ، أنّ الدعاء إنّما هو عبادة (وَإِذا سَأَلَكَ عِبادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذا دَعانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ) [سورة البقرة ، الآية ١٨٦].
ولكن ، هل كلّ دعاء يستجاب؟ وهل كل من دعا ربّه ، تقبّل الله منه؟ إنّ الدعاء عبادة ، ولا بدّ للإنسان وهو يدعو ربّه (أي يتعبّد إلى ربّه) أن يكون في حالة تعبد ، فلا دين بلا عقيدة ، ولا دين بلا عبادة ، والعبادة هي في الصلاة والزكاة والصوم وحج بيت الله الحرام ، فمنها وفيها الدعاء ، لمن أخلص في دينه ، وفي عبادته وفي عقيدته ، وعلى المتعبد أن ينظّف داخله ، من كل حرام ، ويطهّر جسده من كل دنس أو سوء ، وأن يعبد الله كأنّه يراه ، فإنّ الله يراه.
لقد أمرنا القرآن بالدعاء ، علنا ـ تضرعا ـ وخفية ، والدعاء مخافة عذاب الله وطمعا برحمته وعفوه. (وفي ذلك جاءت الآية ٥٥ و ٥٦ من سورة الأعراف) (ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ وَلا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِها وَادْعُوهُ خَوْفاً وَطَمَعاً إِنَّ رَحْمَتَ اللهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ).
قال الرسول محمد :
«وليس شيء أكرم على الله تعالى من الدعاء».
تظهر حالة الإنسان داعيا ـ بشكل واضح وجلي إذا ما وقع له ضرّ أو سوء ، إذ يدعو ربّه دون وعي أو إدراك وبلا تفكير أو تدبير ـ وفي ذلك جاءت الآية ٨ من سورة الزمر.
(وَإِذا مَسَّ الْإِنْسانَ ضُرٌّ دَعا رَبَّهُ مُنِيباً إِلَيْهِ ثُمَّ إِذا خَوَّلَهُ نِعْمَةً مِنْهُ نَسِيَ ما كانَ يَدْعُوا إِلَيْهِ مِنْ قَبْلُ وَجَعَلَ لِلَّهِ أَنْداداً لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِهِ قُلْ تَمَتَّعْ بِكُفْرِكَ قَلِيلاً إِنَّكَ مِنْ أَصْحابِ النَّارِ).
وكذلك الآية ٤٩ من سورة الزّمر ، وسورة الروم الآية ٣٣.
من المعروف لدى المسلم المؤمن أنّ الله يفتح أبواب رحمته عند الدعاء إليه ، يستجيب لدعاء عبده إذا دعاه.