الغيري ومخالفته : ففيه إشكال ، وإن كان التحقيق عدم الاستحقاق على موافقته ومخالفته ، بما هو موافقة ومخالفة (١) ، ضرورة : استقلال العقل بعدم الاستحقاق إلّا
______________________________________________________
لا يرى المولى ظالما في حق العبد عند عدم إعطائه له الأجر والثواب ، بل العقل السليم يشهد بعدمه ؛ لحكمه بأن المولى بمولويته مالك للعبد بجميع شئونه وأفعاله ، فله أن يأمر العبد بفعل من غير أن يعطيه أجرا.
فالأولى : أن يكون ترتب الثواب على امتثال الأمر النفسي بالتفضّل لا بالاستحقاق ، وهناك كلام طويل فيما هو المراد من استحقاق العبد للثواب تركناه تجنبا عن التطويل الممل. هذا تمام الكلام في المورد الأول.
وأما المورد الثاني ـ وهو ترتب الثواب على الواجب الغيري ففيه إشكال ـ فقد أشار إليه بقوله «ففيه إشكال».
توضيح الإشكال : أن الواجب الغيري من جهة كون امتثاله امتثالا لأمره تعالى يترتب عليه الثواب ؛ لأن امتثال الواجب الغيري هو بنفسه مصداق للانقياد ، وإظهار لمقام العبودية مع قطع النظر عن الإتيان بالواجب النفسي ، ولذا لو جاء بالمقدمة بقصد التوصل ، ثم لم يتمكن من الإتيان بذيها لمانع استحق الثواب عليها بلا إشكال ، وهذا دليل على أن الإتيان بها بنفسه منشئ للثواب ، وموجب له ، وعليه فيستحق العبد على الإتيان بالمقدمة وذيها ثوابين.
ومن جهة : أن هوية الأمر الغيري ليست إلّا البعث إلى إيجاد الواجب النفسي بإتيان مقدمته الوجودية ، فلا مصلحة في الأمر الغيري إلّا كونه واقعا في طريق التوصل إلى الواجب النفسي ، فلا إطاعة له إلّا مع قصد الأمر النفسي ، فهو شارع في امتثال الأمر النفسي فيثاب على إطاعته ، وإلّا فلا إطاعة حتى يستحق الثواب.
وكيف كان ؛ فهناك قولان : قول باستحقاق الثواب ، وقول بعدم استحقاقه.
وظاهر المصنف هو : عدم ترتب الثواب والعقاب على المقدمات بدعوى : أن الحاكم بالاستقلال في باب الإطاعة والعصيان ـ وهو العقل ـ لا يحكم بأزيد من استحقاق عقاب واحد على مخالفة واجب واحد ، وإن كان ذا مقدمات كثيرة ، وترك جميعها ، وكذا لا يحكم باستحقاق أزيد من ثواب واحد إذا أتى بالواجب وجميع ما له من المقدمات.
(١) أي : بما هو موافقة ومخالفة للأمر الغيري ؛ لأن البحث فيه في قبال الأمر النفسي.