أما الأول (١) : فواضح. وأما الثاني (٢) : فلأن الحكم الشرعي المستكشف به عند
______________________________________________________
والشرع للقطع بانتفاء الحكم الشرعي المستند إلى الإدراك العقلي حتى لو قلنا بكون المناط في تشخيص الموضوع العرف لا الدليل ولا العقل ، لفرض : أن كل عنوان تعلق به تحسين العقل أو تقبيحه فهو بنفسه متعلق الخطاب الشرعي ، وحيث ارتفع الحكم العقلي من جهة اختلال بعض خصوصيات الموضوع ارتفع الحكم الشرعي المستند إليه أيضا ، فلا شك في بقائه كي يستصحب.
هذا كله في الأحكام الشرعية المستكشفة من حكم العقل بقاعدة الملازمة.
وأما الأحكام الشرعية المستندة إلى الأدلة النقلية : فلما كان تمييز موضوعها بيد العرف ، واحتمل وجود مناط آخر للحكم لم يطلع عليه العقل جرى الاستصحاب فيها ؛ كما إذا حكم الشارع بحرمة الكذب المضر ، ولم يعلم أن المناط هو الإضرار أو نفس الكذب ـ بما أنه إخبار غير مطابق للواقع ـ وزال الضرر أو شك في زواله ، فإنه يجري استصحاب الحرمة في الشبهتين الحكمية والموضوعية.
هذا محصل ما يستفاد من كلام الشيخ ، وحيث إن المصنف ناقش في كلا الوجهين كما سيظهر فلذا أوضحنا المقصود مقدمة لتعليقه عليه ؛ كما في «منتهى الدراية ، ج ٧ ، ص ٤٠ ـ ٤٢».
(١) وهو المستند إلى النقل ، ووجه وضوحه : أن تشخيص وحدة الموضوع في القضيتين في هذه الأحكام يكون بيد العرف قطعا ، لأنه المخاطب بها.
(٢) وهو المستند إلى القضايا العقلية ، وهذا شروع في مناقشة الوجه الأول مما أفاده الشيخ «قدسسره» ، أعني : شبهة عدم إحراز وحدة الموضوع.
وبيانه : أنه إذا حكم العقل بقبح التصرف في مال الغير عدوانا ووجوب ردّ الأمانة ، ثم عرض الاضطرار أو الخوف من الرّد ، واحتمل دخله في مناط التحسين والتقبيح انتفى حكم العقل قطعا ؛ لعدم إدراكه فعلا ، حيث إنه لم يحرز ما هو الدخيل في موضوع حكمه ؛ لكن ارتفاع حكم العقل لا يمنع استصحاب الحكم الشرعي المستند إليه كحرمة التصرف ووجوب الرّد المذكورين ، وذلك لأنه بعد استكشاف خطاب شرعي بهما من قاعدة الملازمة يشك في بقاء وجوب ردّ الوديعة المستلزم للخوف وحرمة التصرف المستلزمة للاضطرار ، لاحتمال دخل هذا الوصف في الموضوع ، فإن كان المناط في وحدة الموضوع النظر الدقي العقلي تمّ ما أفاده الشيخ ؛ لكن يلزمه المنع من حجية الاستصحاب في الشبهات الحكمية والموضوعية في الأحكام المستندة إلى الأدلة النقلية