وإن كان لها (١) دخل فيما اطلع عليه من الملاك.
وبالجملة (٢) : حكم الشرع إنما يتبع ما هو ملاك حكم العقل واقعا لا ما هو مناط حكمه فعلا ، وموضوع حكمه كذلك (٣) مما لا يكاد يتطرق إليه الإهمال والإجمال مع تطرقه إلى ما هو موضوع حكمه شأنا ، وهو ما قام به ملاك حكمه واقعا ، فربّ
______________________________________________________
يكون الحكم المنبعث عن الملاكين متعددا ، ولا يجري في مثله الاستصحاب ؛ لأنه من قبيل القسم الثالث من استصحاب الكلي ، وهو الشك في حدوث فرد للكلي مقارنا لارتفاع فرده الموجود سابقا ، ومن المعلوم : أن الفرد المشكوك الحدوث محكوم بعدم حدوثه بالأصل.
قلت : ليس المقصود إجراء الاستصحاب في ملاك الحكم ومناطه الدائر بين الزائل والحادث ؛ بل الغرض استصحاب الحكم الشرعي الشخصي الذي يستند حدوثه إلى مناط وبقاؤه إلى مناط آخر ، ومن المعلوم : أن تبدل الملاك لا يقتضي تبدل نفس الحكم ؛ كوجوب إكرام زيد لكونه عالما ، وبعد زوال علمه ـ لمرض مثلا ـ لكونه هاشميا ، ونظيره في التكوينيات تبديل عمود الخيمة بمثله الحافظ للهيئات الموجودة الشخصية ، فإنه لا يوجب تغيرا في تلك الهيئة الوحدانية.
والنتيجة : أن احتمال حدوث ملاك آخر قائم بالفعل الفاقد للوصف يوجب احتمال بقاء حكمه الشرعي ، فيستصحب لاجتماع أركانه من اليقين بحدوث الجعل والشك في الارتفاع.
(١) أي : لتلك الحالة كالإضرار في حرمة الكذب وقبحه ، فإنه دخيل في موضوع حكم العقل بالقبح ، وغير دخيل في المفسدة الواقعية التي لم يطلع عليها العقل.
(٢) هذا حاصل ما أفاده في الإيراد على كلام الشيخ «قدسسره» ، وحاصله ـ كما عرفت ـ أن حكم الشارع تابع للملاك الواقعي لحكم العقل الشأني ؛ بحيث لو التفت إليه لحكم به فعليا ، وليس حكم الشرع تابعا لحكم العقل فعلا لأجل إحرازه مناط حكمه ؛ إذ يمكن أن يكون مناط حكم الشرع أعم من ملاك حكم العقل.
(٣) أي : فعلا.
وغرضه : ردّ ما تقدم من الشيخ من أن الأحكام العقلية كلها مفصلة من حيث المناط ولا إهمال فيها ، ويدور أمرها بين وجودها قطعا وعدمها كذلك ، فلا يتطرق الشك فيها كي تستصحب.
وحاصل الرّد : أن للعقل حكمين أحدهما شأني والآخر فعلي ، فإن كان الغرض