في تلك الحال (١) ؛ وذلك (٢) لاحتمال أن يكون ما هو ملاك حكم الشرع من المصلحة أو المفسدة التي هي ملاك حكم العقل كان (٣) على حاله في كلتا الحالتين (٤) ، وإن لم يدركه (٥) إلّا في إحداهما ؛ لاحتمال (٦) عدم دخل تلك الحالة فيه ، أو احتمال (٧) أن يكون معه ملاك آخر بلا دخل لها فيه أصلا ...
______________________________________________________
الضار بالغير غير النافع للكاذب.
(١) وهي حال احتمال الشرائط ، لإمكان حكم الشرع مع زوال بعض ما يراه العقل دخيلا في حكمه. وقوله : «غير ملازم» خبر «فعدم».
(٢) بيان لعدم الملازمة ، وكون موضوع الحكم الشرعي أوسع مما يراه العقل.
(٣) خبر «أن يكون ما هو» ، و «من المصلحة» بيان ل «ما هو». ولو أبدل «كان على حاله» ب «ثابتا» كان أخصر ؛ لصيرورة العبارة هكذا : «لاحتمال أن يكون ما هو ملاك حكم الشرع ... ثابتا في كلتا الحالتين».
(٤) يعني : حالتي بقاء ذلك الوصف وارتفاعه.
(٥) أي : وإن لم يدرك العقل الملاك إلّا في إحدى الحالتين وهي حالة وجود الوصف ، فوجود الوصف دخيل في العلم بالملاك لا في أصل وجوده.
(٦) تعليل لاحتمال وجود الملاك في الحالتين وإن لم يدركه العقل إلّا في إحدى الحالتين التي هي طريق استكشاف العقل للملاك من دون دخلها فيه ثبوتا ، فالملاك في كلتا الحالتين موجود ، وضمير «فيه» في الموضعين ، وضمير «معه» راجع على الملاك.
(٧) عطف على «احتمال عدم» يعني : أو لاحتمال أن يكون مع ذاك الملاك ملاك آخر ، بلا دخل لتلك الحالة الزائدة فيه أصلا ، وإن كان لتلك الحالة دخل في اطلاع العقل على الملاك واستكشافه له. وهذا وجه ثان لاستصحاب الحكم الشرعي المستند إلى الحكم العقلي ، والفرق بين الوجهين : أنه على الأول : يطرد ملاك واحد في الحالتين ، وعلى الثاني : يوجد ملاكان يختص أحدهما بحال وجود الوصف ، ويشترك الآخر بين حالتي وجوده وعدمه.
ومن المعلوم : أن احتمال وجود ملاك آخر معه ـ كاحتمال بقاء الملاك الأول ـ ملزوم لاحتمال بقاء الحكم الشرعي ، وهو كاف في جريان الاستصحاب لوجود مناطه وهو الشك في البقاء.
فإن قلت : تصحيح إجراء الاستصحاب بهذا الوجه الثاني غير سديد ، إذ مع فرض انتفاء الملاك في الفعل الواجد للوصف ، واحتمال قيام مناط آخر بالفعل الفاقد للوصف