الثبوت (١) ، فعدم (٢) استقلال العقل إلا في حال (٣) غير ملازم لعدم حكم الشرع إلا
______________________________________________________
الثبوت ، يعني أنا ما هو ملاك حكم العقلي واقعا هو بنفسه ملاك حكم الشرع ، ويتبع حكمه الفعلي في مقام الإثبات ، يعني : في مرحلة استكشاف خطاب الشارع لا بد من فعلية إدراك العقل.
إذا عرفت هذه المقدمة فاعلم : أن الملازمة بين حكمي العقل والشرع لا تنافي أوسعية موضوع حكم الشرع من موضوع حكم العقل ؛ لعدم كون التلازم في مرحلة الثبوت ، ضرورة : عدم توقف حكم الشرع على حكم العقل الفعلي واقعا وفي نفس الأمر كي يتحد موضوعهما حقيقة ؛ بل الملازمة إنما تكون في مقام الكشف والإثبات والعلم بخطاب الشارع ، بمعنى : أن الدليل على الحكم الشرعي هو العقل ، كما قد يكون غيره من النص والإجماع.
وعليه : فالحكم العقلي واسطة في الإثبات والعلم بالحكم الشرعي ، لا في الثبوت وأصل وجوده حتى ينتفي بانتفائه ، ومن المعلوم : أن التبعية في مقام الإثبات لا تلازم التبعية في مقام الثبوت.
نعم ؛ الملازمة الثبوتية تكون بين الحكم الشرعي والحكم العقلي الشأني ، لكن الكلام في تبعيته لحكمه الفعلي ، لأنه موضوع قاعدة الملازمة وإذا زال بعض ما يحتمل دخله في موضوع حكم العقل انتفى حكمه ، لكن يشك في ارتفاع حكم الشارع ؛ لاحتمال بقاء ملاكه ، فلا بد من ملاحظة أن الوصف المتبدل هل يكون مقوّما أم حالا على التفصيل المتقدم بقولنا : «لكن زوال حكم العقل لا يمنع استصحاب الحكم الشرعي ...». وبهذا التقريب كما لا يتعدد الموضوع بنظر العرف كذلك يحصل الشك في بقاء الحكم الشرعي ، فيستصحب لاجتماع أركان الاستصحاب.
(١) يعني : دوران الحكم الشرعي مدار الحكم العقلي الفعلي وجودا فقط ؛ بحيث لو أحرز العقل العلة التامة للحسن أو القبح حكم بأنه مما ينبغي فعله أو تركه ، ولا يدور مداره عدما أيضا ؛ إذ لا يدل على انحصار عليته للحكم الشرعي ، فلا يصدق قولنا : «لو لم يكن للعقل حكم لم يكن للشرع حكم أيضا» ؛ لعدم الدليل على هذا التلازم ؛ بل الدليل على خلافه ، إذ ربما لا يكون للعقل حكم فعلي ؛ لقصوره عن إدراك المناطات الواقعية ، كما هو الحال في غالب الأحكام الثابتة بالأدلة النقلية ، والشارع لاطلاعه على تلك الملاكات ينشئ أحكاما على طبقها.
(٢) هذا متفرع على كون التلازم في مقام العلم والإثبات لا الثبوت.
(٣) وهو حال اجتماع الخصوصيات الدخيلة في حكمه ، كما في قبح الكذب