قلت (١) : الظاهر أن وجه الإسناد هو لحاظ اتحاد متعلقي اليقين الشك ذاتا وعدم
______________________________________________________
(١) هذا جواب الإشكال : وقد ذكره في حاشية الرسائل بعد بيان الدليل المتقدم بما لفظه : «لكنك عرفت : أن الظاهر أن وجه إطلاق النقض وإسناده إلى اليقين في مورد الاستصحاب إنما هو بملاحظة اتحاد متعلقي اليقين والشك ذاتا ، وعدم ملاحظة تعددهما زمانا».
ومحصله : أن الإشكال المتقدم مبني على دخل الزمان في متعلقي اليقين والشك ، ضرورة : مغايرة المقيد بالزمان الأول للمقيد بالزمان الثاني ، فإن عدالة زيد يوم الجمعة ـ التي هي مورد اليقين ـ تغاير عدالته في يوم السبت ـ التي هي مورد الشك ـ ومن المعلوم : أن الشك في عدالته يوم السبت لا يوجب زوال اليقين بعدالته يوم الجمعة حتى يصح إسناد النقض إليه ، فلا بد من اعتبار مصحح للإسناد وهو ما تقدم من العناية والمسامحة.
لكن الظاهر إمكان الإسناد بعناية أخرى أقرب إلى أذهان العرف ، وهي تجريد الشك واليقين عن الزمان ولحاظ اتحاد متعلقيهما ، يعني إلغاء متعلق اليقين من حيث كونه حدوث الشيء ، ومتعلق الشك من حيث كونه بقائه ، فكأن هذين الوصفين تعلقا بذات واحدة وهي العدالة ، وحيث كان الملحوظ نفس المتعلق كان هذا المقدار كافيا في صحة إسناد النقض إلى اليقين ، ولا يبقى مجال تخصيص مفاد الأخبار بالشك في الرافع فقط.
ففي المثال المتقدم يصح أن يقال : «علمت العدالة ثم شك فيها» ، فبلحاظ اتحاد متعلقي اليقين والشك ذاتا يصح إسناد النقض إلى اليقين ، ويقال : «انتقض اليقين بعدالة زيد بالشك فيها ، سواء كان المتيقن مقتضيا للبقاء أم لا.
فإن قلت : إن إسناد النقض إلى اليقين حيث كان مجازيا على كل حال ، فمقتضى قاعدة «إذا تعذرت الحقيقة فأقرب المجازات أولى» هو حمل «النقض» على رفع اليد عن خصوص اليقين المتعلق بما فيه اقتضاء البقاء ؛ لكونه أقرب إلى المعنى الحقيقي من حمله على رفع اليد عن مطلق اليقين ؛ وإن تعلق بما ليس في ذاته اقتضاء الدوام ، وعليه : يختص اعتبار الاستصحاب بالشك في الرافع دون المقتضي ، فثبت مدعى الشيخ «قدسسره».
قلت : وإن كان ذلك أقرب ظاهرا ؛ إلا إن المدار في الأقربية إلى المعنى الحقيقي هو العرف لا العقل ، واليقين المتعلق بما فيه اقتضاء البقاء أقرب إلى المعنى الموضوع له اعتبارا لا عرفا ، لما عرفت من : كون النقض مسندا إلى نفس اليقين الذي هو أمر مبرم من دون لحاظ العرف لمتعلقه ، فلا يتفاوت في نظرهم بين كون متعلق اليقين مما فيه اقتضاء البقاء ، وبين كونه مما لم يكن فيه ذلك ، فالأقربية بنظر العقل لا توجب اختصاص حجية