فلو لم يكن هناك اقتضاء البقاء في المتيقن لما (١) صح إسناد الانتقاض إليه بوجه ولو مجازا ، بخلاف ما إذا كان (٢) هناك ، فإنه (٣) وإن لم يكن معه أيضا (٤) انتقاض حقيقة ؛ إلّا (٥) إنه صح إسناده إليه مجازا ، فإن اليقين معه (٦) ، كأنه تعلق بأمر مستمر مستحكم قد انحل وانفصم بسبب الشك فيه من جهة الشك في رافعه.
______________________________________________________
والمفروض : أن اليقين بالبقاء قد ارتفع وتبدل بالشك وصح بالمسامحة أن يقال : إنه اضمحل ، ويصح حينئذ النهي عنه بحسب العمل.
وهذا بخلاف الشك في المقتضي ؛ لعدم انحلال اليقين فيه لا حقيقة ولا مسامحة.
والحاصل : أن اليقين في الاستصحاب وإن لم ينقض حقيقة ، فالإسناد لا يخلو من مسامحة ؛ إلا إنه فرق بين تعلق اليقين بما هو من شأنه البقاء والدوام وما ليس كذلك ، إذ في الأول يتعلق الشك بعين ما تعلق به اليقين ، فيقوى شباهته بما إذا انتقض اليقين حقيقة كما في قاعدة اليقين ، بخلاف الثاني ؛ إذ لا يصح أن يقال : لو لا الشك في الرافع لكان على يقين في البقاء.
هذا بيان ما أفاده المصنف هنا وفي الحاشية ، وقد عرفت : أنه وجه آخر لتخصيص أخبار الاستصحاب بموارد إحراز المقتضي والشك في الرافع ؛ كما في «منتهى الدراية ، ج ٧ ، ص ١٠٢ ـ ١٠٣».
توضيح بعض العبارات طبقا لما في «منتهى الدراية».
(١) جواب «لو لم يكن» ، وجملة الشرط والجواب جواب لقوله : «حيث لا انتقاض». ومحصله : أن إسناد النقض في باب الاستصحاب إلى اليقين ليس حقيقيا ؛ لبقاء اليقين بالحدوث على حاله ، والإسناد المجازي منوط بكون المتيقن مما يقتضي البقاء والدوام.
(٢) أي : إذا كان اقتضاء البقاء محرزا في المستصحب.
(٣) الضمير للشأن ، وضمير «معه» راجع على اقتضاء البقاء في المتيقن.
(٤) أي : كما إذا لم يكن من شأن المتيقن البقاء والاستمرار ، و «انتقاض» اسم «يكن» والتعبير بالنقض كما في الصحيحة أولى من التعبير بالانتقاض.
(٥) استدراك على قوله : «وإن لم يكن» ، وضمير «أنه» للشأن ، وضمير «إليه» راجع على اليقين ، يعني : أن مصحح الاستعمال المجازي في إسناد النقض إلى اليقين إنما يوجد في خصوص مورد إحراز المقتضي والشك في الرافع.
(٦) أي : مع اقتضاء المتيقن للبقاء ، وضمير «كأنه» راجع على اليقين.