.................................................................................................
______________________________________________________
هذا الإشكال ليس تتمة لكلام الشيخ وإن كان مرتبطا بأصل دعواه ، وإنما هو إشارة إلى دليل آخر على اختصاص أخبار الاستصحاب بالشك في الرافع ، ذكره المصنف في حاشية الرسائل بقوله : «نعم ؛ يمكن تقريب دلالة الأخبار على الاختصاص بالشك في الرافع بوجه أدق وأمتن ، وهو : أنه قد عرفت : أن استعمال لفظ النقض فيها إنما هو بلحاظ تعلقه باليقين ، وقد عرفت أيضا : أنه لا يصح النهي عنه بحسبه إلا فيما إذا انحل اليقين حقيقة واضمحل كما هو في مورد قاعدة اليقين ، أو مسامحة كما في الشك في الرافع في مورد الاستصحاب ...» الخ. حاشية الرسائل ، ص ١٩٠.
وتوضيحه : أنه لا ريب في امتناع تعلق وصفي اليقين والشك بأمر واحد في زمان واحد لكونهما متضادين ، فلا بد من اختلاف زمانيهما أو متعلقيهما ، فإن اتحد المتعلق وتغاير زمان حصول اليقين والشك ـ بحيث تعذر اجتماعهما ـ كان مورد قاعدة اليقين ، كما إذا تيقن يوم الجمعة بعدالة زيد ثم شك يوم السبت في عدالته ؛ بنحو انتقض يقينه السابق بسبب سراية الشك إلى العدالة في يوم الجمعة.
وإن تعدد المتعلق واتحد زمان حصول الوصفين ؛ بأن تعلق اليقين بحدوث الشيء والشك في بقاء ذلك الحادث كان مورد الاستصحاب ؛ لاجتماع اليقين والشك زمانا في الاستصحاب ؛ لأنه في حال شكه في البقاء يكون متيقنا بالحدوث.
إذا عرفت هذا فاعلم : أن صحة إسناد النقض إلى اليقين في قوله «عليهالسلام» : «لا تنقض اليقين بالشك» تتوقف على كون الشك ناقضا لليقين وهادما له حقيقة ؛ كنقض النوم مثلا للطهارة ، وهذا المعنى إنما يتصور في قاعدة اليقين ؛ لسراية الشك فيها إلى اليقين وانمحاء الصورة العلمية عن لوح النفس دون الاستصحاب ؛ لبقاء اليقين على حاله ، ضرورة : أن الشك في الاستصحاب يكون في البقاء دون الحدوث ، فالشك مجتمع مع اليقين لا ناقض له حتى يصح النهي عن نقضه به ، وحيث إن الشارع الأقدس طبّق هذه الجملة على الاستصحاب في مضمرة زرارة من اليقين بالوضوء والشك في انقضاضه بالخفقة والخفقتين ، فلا جرم يكون إسناد النقض إلى اليقين بعناية المجاز وهي : أن متعلق اليقين لما كان من شأنه البقاء لوجود مقتضيه كان كأنه متيقن البقاء في آن الحدوث ، فاليقين تعلق بحدوثه حقيقة وببقائه اعتبارا ، نظير ثبوت المقبول كالنطفة بثبوت القابل كالإنسان ، فإن ثبوت المقبول بالذات ثبوت للقابل بالعرض ، واليقين بالمقبول يقين بالقابل اعتبارا ، فذلك اليقين السابق بالحدوث ذاتا يقين ببقائه اعتبارا لأجل قابليته للبقاء ،