كان ملحوظا بنحو المرآتية وبالنظر الآلي كما هو (١) الظاهر في مثل قضية «لا تنقض» ، حيث تكون ظاهرة عرفا في أنها كناية عن لزوم البناء والعمل بالتزام (٢) حكم مماثل للمتيقن تعبدا إذا كان (٣) حكما ولحكمه (٤) إذا كان موضوعا ، لا عبارة عن لزوم العمل بآثار نفس اليقين بالالتزام بحكم مماثل لحكمه شرعا ، وذلك (٥) لسراية الآلية
______________________________________________________
قوله : «لا ما إذا كان ...» الخ عطف على «لو كان» ، واسم «كان» ضمير راجع على اليقين.
(١) أي : كون اليقين ملحوظا بنحو المرآتية هو الظاهر من قضية «لا تنقض اليقين» ، ولعله لأن الغالب في اليقين المأخوذ في الخطابات هو الطريقية ، وهذه الغلبة توجب الظهور في خلاف الموضوعية. أو بملاحظة مناسبة الحكم والموضوع في خصوص أخبار الاستصحاب ، فإنها خطابات ملقاة إلى العرف ، وليس مفادها عندهم ترتيب آثار اليقين ؛ بل ظاهرة في معنى كنائي وهو : جعل حكم مماثل تعبدا إذا كان المستصحب حكما شرعيا ، وجعل حكم مماثل لحكم المستصحب إذا كان موضوعا لحكم شرعي.
والوجه في هذا الظهور الكنائي : تعذر تعلق هيئة «لا تنقض» بنفس اليقين لانتفائه قهرا ، ولا بآثار اليقين ؛ لأنها أحكام عقلية غير قابلة للجعل التشريعي ، ولا نفس المتيقن ؛ لأنه إن كان حكما فبقاؤه وارتفاعه بيد الشارع لا بيد العبد ، وإن كان موضوعا لحكم شرعي فكذلك ؛ لأن بقاءه تابع لاستعداد ذاته للبقاء ؛ لا بيد المكلف حتى يبقيه. ويتعين حينئذ كون مفاد الجملة جعل حكم مماثل.
(٢) الأولى تعديته ب «على» ليصح تعلقه بكل من البناء والعمل ؛ لأنه لم يعهد تعدية البناء ـ بمعنى العمل ـ بالباء.
(٣) يعني : إذا كان المتيقن حكما كما في استصحاب الأحكام كالوجوب.
(٤) أي : ولحكم المتيقن إذا كان المستصحب من الموضوعات ذوات الآثار الشرعية كالحياة والعدالة والغنى والفقر وغيرها.
ولا يخفى : أن مدلول أخبار الاستصحاب أمر واحد وهو الكناية عن لزوم العمل بالمتيقن السابق تعبدا ، ولكن يختلف هذا البناء العملي باختلاف المستصحب ، فقد يكون إنشاء حكم مماثل لنفسه إن كان حكما ، وقد يكون إنشاء حكم لمثل حكمه إن كان المستصحب موضوعا ذا أثر شرعي ، فالاختلاف في مصاديق ذلك المكنّى عنه لا في نفس مفاد دليل الاستصحاب.
(٥) تعليل لقوله : «كما هو الظاهر» ، ودفع لتوهم تقدم بيانه.