.................................................................................................
______________________________________________________
وأما تبعا : فكانتزاع الملكية كما قيل من الحكم بإباحة تصرف كل من البائع والمشتري في العوضين بعد العقد.
ولكن أورد صاحب الكفاية على هذا القول بقوله : «لا ينبغي أن يشك في عدم صحة انتزاعها عن مجرد التكليف في موردها ...». ولعل مقصوده : أن الحكم الوضعي مثل الملكية والزوجية يكون موضوعا للحكم التكليفي أعني : إباحة التصرف وجواز الوطء ، والموضوع متقدّم بحسب المرتبة على الحكم كتقدم العلة على المعلول ، فلا يمكن انتزاع مثل هذا الوضع عن التكليف لاستلزامه غائلة الدور ، ويمكن أن يكون مقصوده أنه لا وجه لانتزاع مثل هذا الوضع عن التكليف ، لأنك قد عرفت : أن النسبة بين الوضع والتكليف مصداقا وموردا هي أعم من وجه وأنهما قد يجتمعان مثل ما إذا كان للإنسان ملك ولم يكن محجورا عن التصرف فيه ، وقد يكون التكليف دون الوضع مثل إباحة الأكل للضيف من طعام المضيف. وقد تكون الملكية من دون التكليف ، كما إذا كان للإنسان ملك وكان محجورا عن التصرف فيه.
فيقال بعد الفراغ عن هذه الأمور من باب المقدمة : إنه لا يجري الاستصحاب في جميع أقسام الوضع ، بل يجري فيما هو مجعول استقلالا بلا إشكال كما هو في القسم الثالث ، أو فيما هو مجعول تبعا مع إشكال ، ولا يجري فيما لا يتطرق إليه الجعل أصلا كالقسم الأول من أقسام الوضع. إذ المناط في جريان الاستصحاب أن يكون المستصحب مجعولا شرعا أو موضوعا ذا حكم شرعي ، وهذا المناط لا يوجد في القسم الأول ، فيما ذهب إليه الفاضل التوني من جريان الاستصحاب في الأحكام الوضعية على إطلاقه غير صحيح ؛ بل الحق أن يقال بحجية الاستصحاب في بعض الأحكام الوضعية. هذا مع حجية الاستصحاب في الأحكام التكليفية لوجود المناط ـ وهو كون المستصحب مجعولا ـ فيها.
هذا هو حق الكلام في المقام.
وأما ما ذكره المصنف فلا يخلو عن مناقشة إذا كان قصده من تطويل الكلام ردّ التفصيل الفاضل التوني ؛ إذ لم يتعرض المصنف للاستصحاب في الأحكام التكليفية لا نفيا كي يكون كلامه إشكالا على الفاضل التوني ، ولا إثباتا كي يكون هذا الكلام منه موافقا للفاضل التوني.
فالمتحصل : أن نتيجة تطويل الكلام في المقام هو جريان الاستصحاب في الأحكام