لبداهة (١) ما بين مفهوم السببية أو الشرطية ومفهوم مثل الإيجاب أو الاستحباب من المخالفة والمباينة.
كما لا ينبغي (٢) النزاع في صحة تقسيم الحكم الشرعي إلى التكليفي والوضعي ، بداهة (٣) : أن الحكم وإن لم يصح تقسيمه إليهما ببعض (٤) معانيه ، ولم يكد يصح
______________________________________________________
(١) تعليل لقوله : «لا خلاف» و «من المخالفة» بيان للموصول في «ما بين».
(٢) هذا إشارة إلى الأمر الثاني ، والغرض منه : إدراج جملة مما عدّ من الأحكام الوضعية في الحكم الشرعي ، بيانه : أن الحكم الشرعي يطلق تارة : على خطاب الله المتعلق بأفعال العباد من حيث الاقتضاء والتخيير ، وأخرى : على مطلق ما يصح أخذه من الشارع بما هو شارع وجاعل للقوانين ، فعلى الأول : لا يصح تقسيم الحكم إلى التكليفي والوضعي ؛ لعدم تعلق مثل الملكية والزوجية وسببية الدلوك بفعل المكلف بلا واسطة ، وإن تعلق به مع الواسطة مترتب على جواز أنحاء التصرفات على الملكية الحاصلة بأسبابها ، فعلى هذا المعنى : تخرج الوضعيات عن كونها أحكاما شرعية ؛ إذ ليس فيها جهة الاقتضاء ـ بعثا وزجرا ـ والتخيير.
وعلى الثاني : يصح تقسيم الحكم الشرعي إليهما ؛ لأن المناط فيه كونه مما تناله يد الجعل التشريعي ، ومن المعلوم : صدقه على الحكم الوضعي كالتكليفي ، فكما يمكن اعتبار لا بدّية فعل وحرمان آخر بقوله : (أَقِمِ الصَّلاةَ)(١) ، و (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ)(٢) كذلك له جعل الملكية للحائز بقوله : «من حاز ملك» ، فإن ملكية المحوز للحائز من المجعولات الشرعية.
وعليه : فلا إشكال في صحة انقسام الحكم الشرعي إلى التكليفي والوضعي ، ولا مجال لإنكارها والتشكيك فيها.
(٣) تعليل لقوله : «لا ينبغي» ، وقد عرفت توضيحه.
(٤) وهو كونه خصوص «الخطاب المتعلق بفعل العبد من حيث الاقتضاء والتخيير» ؛ إذ على هذا المعنى يختص الحكم بما فيه اقتضاء الفعل من الوجوب والاستحباب أو الترك من الحرمة والكراهة ، وما ليس فيه اقتضاء أحدهما أصلا ، أو فيه اقتضاءان متكافئان وهو الإباحة. وضميرا «تقسيمه ، معانيه» راجعان على الحكم.
__________________
(١) الإسراء : ٧٨.
(٢) المائدة : ٣.