لا في غيره (١) ولا غيرها (٢) فيه ، وإلّا لزم أن يكون كل شيء مؤثرا في كل شيء ، وتلك الخصوصية لا يكاد توجد فيها (٣) بمجرد إنشاء مفاهيم العناوين (٤) ، ومثل (٥) قول : دلوك الشمس سبب لوجود الصلاة إنشاء (٦) لا إخبارا ، ضرورة : بقاء الدلوك على ما هو عليه قبل إنشاء السببية له من كونه واجدا لخصوصية مقتضية لوجوبها ، ..
______________________________________________________
والمراد بالأجزاء هو المقتضي والشرط وعدم المانع.
(١) أي : في غير هذا المعلول الخاص من سائر معاليل العلل الأخرى.
(٢) أي : ولا غير العلة في المعلول ، فالربط الخاص يقتضي عدم تأثير كل علة في معلول معين ، للزوم السنخية ، فسخونة الماء والإحراق لا تؤثر فيهما إلّا علة معيّنة وهي النار.
قوله : «وإلّا لزم أن يكون كل شيء مؤثرا في كل شيء» يعني : وإن لم يكن في أجزاء العلة ربط خاص لزم أن يكون كل شيء مؤثرا في كل شيء ؛ لما عرفت من : أن تأثير كل جزء من أجزاء العلة سواء كان سببا أم غيره لا بد من استناده إلى خصوصية ذاتية فيه بها يؤثر في المعلول ، وتلك الخصوصية لا تقبل الجعل الشرعي لا أصالة ولا تبعا.
(٣) يعني : تلك الخصوصية التكوينية لا توجد في السبب والشرط والمانع والرافع بمجرد الإنشاء مع قصد حصولها ، لفرض عدم كونها كالأحكام التكليفية وبعض الوضعيات من الأمور الاعتبارية ، فإن التكوين لا يوجد بالتشريع ، فاندفع بقوله : «وتلك الخصوصية» احتمال الجعل الاستقلالي للسببية وأخواتها كما نسب إلى المشهور.
(٤) يعني : مفهوم السببية وأخواتها.
(٥) عطف على «إنشاء» يعني : بمجرد «مثل قول : ...».
(٦) وهو قصد حصول المعنى باللفظ أو بآلة أخرى كالفعل في المعاطاة ، والمراد بالإخبار : هو الحكاية عن تحقق المعنى في موطنه المناسب له. ومقصوده «قدسسره» : أن ما تقدم من امتناع إيجاد خصوصية السببية في مثل الدلوك بقوله : «الدلوك سبب لوجوب الصلاة» إنما هو إذا كان الكلام إنشاء أي : قصد به تحقق أحد هذه العناوين كالسببية بمجرد هذا الجعل ممن بيده أمر التشريع ، وأما إذا قصد بهذا الكلام الإخبار عن ثبوت الخصوصية الذاتية للدلوك ونحوه ؛ فعدم تحقق السببية بهذا الكلام واضح ؛ لعدم اقتضاء الإخبار والحكاية تحقق هذه العناوين أصلا ؛ إذ لو كانت موجودة في الواقع كان الإخبار صدقا وإلّا فهو كذب ، وليس شأن الخبر إيجاد ما ليس بموجود ، وإنما هو شأن الإنشاء.