لا يقال (١) : نعم ؛ ولكن استصحاب الحدث في حال الصلاة بعد ما التفت بعدها يقتضي أيضا فسادها.
______________________________________________________
(١) هذا إشكال على صحة الصلاة في الفرض الأول وهو عدم الشك الفعلي قبل الصلاة ، ومحصله : أن استصحاب الحدث قبل الصلاة وإن لم يكن جاريا لعدم الشك الفعلي ؛ لكن جريانه بعدها لمكان الشك الفعلي يقتضي بطلان الصلاة ، حيث إن مقتضى هذا الاستصحاب هو كونه محدثا قبل الصلاة وفي أثنائها ؛ لأن زمان الصلاة من الأزمنة المتخللة بين زمان اليقين بالحدث والشك في ارتفاعه.
وعليه : فلا فرق بين الصورتين في بطلان الصلاة وعدم جريان قاعدة الفراغ فيها. فقوله : «نعم» تصديق لعدم جريان الاستصحاب في الفرض الأول ؛ لعدم الشك الفعلي قبل الصلاة ، لكن الاستصحاب الجاري بعدها ـ لفرض الشك الفعلي حينئذ ـ كاف في بطلانها.
والمتحصل في تقريب الإشكال : أنه نعم من أحدث ثم غفل وصلى ثم شك في أنه تطهر قبل الصلاة أم لا لم يكن شاكا قبل الصلاة كي يجري في حقه استصحاب الحدث ؛ ولكن بعد ما صلى وشك في ذلك يجري في حقه استصحاب الحدث من حين اليقين به إلى حال الصلاة وبعدها ، فتبطل صلاته قهرا.
وقد دفع المصنف هذا الإشكال بقوله : «فإنه يقال».
وتوضيح الدفع : أن مقتضى الاستصحاب الجاري بعد الصلاة ـ لزوال الغفلة وفعلية الشك ـ وإن كان هو بطلان الصلاة كبطلانها في صورة الالتفات وفعلية الشك قبل الصلاة ؛ لكن المانع عن البطلان في صورة حصول الالتفات بعد الصلاة هو جريان قاعدة الفراغ فيها ، دون صورة حصول الالتفات قبل الصلاة ؛ لعدم جريانها فيها ؛ إذ مناط جريانها ـ وهو حدوث الشك بعد العمل ـ موجود في صورة الالتفات وحصول الشك بعد الصلاة ومفقود في فرض حدوث الشك قبلها.
نعم ؛ يجدي هذا الاستصحاب في لزوم تحصيل الطهارة لما يأتي بعد ذلك مما يشترط فيه الطهارة.
قوله : «بعد» متعلق بقوله : «استصحاب» ، يعني : لكن استصحاب الحدث حال الصلاة الجاري ذلك الاستصحاب حين الالتفات الحاصل بعد الصلاة يقتضي فسادها ؛ كاقتضاء الاستصحاب الجاري قبل الصلاة لفسادها. وضميرا «بعدها ، فسادها» راجعان على الصلاة.