من أحدث ثم غفل وصلى ، ثم شك (١) في أنه تطهر قبل الصلاة ؛ لقاعدة الفراغ (٢) ، بخلاف من التفت قبلها (٣) وشك ثم غفل وصلى ، فيحكم بفساد صلاته فيما إذا قطع بعدم تطهيره بعد الشك (٤) ؛ لكونه (٥) محدثا قبلها بحكم الاستصحاب (٦) ، مع القطع بعدم رفع حدثه الاستصحابي.
______________________________________________________
فالمتحصل : أن الصلاة في الفرض المزبور صحيحة بناء على اعتبار فعلية اليقين والشك في الاستصحاب ، وباطلة بناء على كفاية التقديري منهما فيه.
(١) يعني : بعد الفراغ حصل له الشك في أنه تطهر قبل الصلاة أو لا.
(٢) تعليل لصحة الصلاة ؛ لكن لا بد من فرض احتمال التوضؤ قبل الصلاة ؛ وإلّا فلا تجري فيها القاعدة.
(٣) أي : قبل الصلاة ، فإذا التفت قبلها وشك ، ثم عرض له الغفلة وصلى غافلا بطلت صلاته ؛ لأنه قبل الصلاة صار بحكم الاستصحاب ـ مع هذا الشك الفعلي ـ محدثا فصلى محدثا ، فالمعيار في جريان الاستصحاب قبل الصلاة هو الشك الفعلي ، ومعه تبطل الصلاة ؛ لعدم جريان قاعدة الفراغ فيها. وبدون الشك الفعلي قبل الصلاة تصح الصلاة ؛ لجريان قاعدة الفراغ فيها بلا مانع ؛ إذ المانع هو الاستصحاب ، والمفروض : عدم جريانه ؛ لعدم موضوعه وهو الشك الفعلي ، ومع وجود المقتضي وعدم المانع تجري القاعدة المصححة للصلاة.
(٤) وأما إذا احتمل التطهير بعد الشك قبل الصلاة فيحكم بصحة صلاته ؛ إذ يجري بالنسبة إليه قاعدة الفراغ أيضا. فإنه حين الشك وإن كان محكوما بالحدث بمقتضى الاستصحاب ولكن استصحاب الحدث ليس بأقوى من القطع بالحدث ، فكما أنه إذا قطع بالحدث ثم غفل وصلى واحتمل بعد الصلاة أنه تطهر بعد القطع بالحدث قبل الصلاة صحت صلاته لقاعدة الفراغ ، فكذلك فيما إذا استصحب الحدث ثم غفل وصلى واحتمل بعد الصلاة أنه تطهر بعد استصحاب الحدث قبل الصلاة صحت صلاته بطريق أولى.
(٥) تعليل للحكم بفساد الصلاة.
(٦) ضرورة : أنه مع الالتفات والشك الفعلي ـ كما هو المفروض ـ يجري استصحاب الحدث ، ومعه لا يمكن تصحيح الصلاة بقاعدة الفراغ ؛ لما مر من أن الحدث المستصحب كالحدث المعلوم في إبطال الصلاة وعدم جريان قاعدة الفراغ معه. وضمير «قبلها» راجع على «صلاته».