الغفلة ؛ لعدم (١) الشك فعلا ، ولو (٢) فرض أنه يشك لو التفت ، ضرورة : أن الاستصحاب وظيفة الشاك ، ولا شك مع الغفلة أصلا (٣) ، فيحكم (٤) بصحة صلاة
______________________________________________________
للعدم ، وقد عرفت : أن العبرة بوجودهما الفعلي كسائر موضوعات الأحكام ، والتقدير لا يخرج المقدر عن العدم الذي ليس موضوعا للحكم.
توضيح بعض العبارات طبقا لما في منتهى الدراية.
(١) تعليل لعدم جريان الاستصحاب مع الغفلة ، ومرجع التعليل إلى عدم الموضع للاستصحاب مع الغفلة ؛ لما عرفت من : أن الشك كاليقين والظن متقوم بالالتفات ؛ فلا وجود لها مع الغفلة ، ولذا يحمل عليه العدم بالحمل الشائع.
(٢) وصلية ، يعني : ولو فرض أنه يشك لو التفت وزالت غفلته ، وهذا هو الشك التقديري الذي لا عبرة به ؛ لأنه فرض الوجود ، والمعتبر هو الوجود الفعلي ، ولا يجدي فرضه.
(٣) لما عرفت آنفا من : عدم تعقل الشك كاليقين والظن مع الغفلة ، وهذا من غير فرق فيه بين حجية الاستصحاب من باب الأخبار وحجيته كشفا من باب الأمارات العقلائية ؛ لما عرفت من : كون توقف الاستصحاب على فعلية اليقين والشك من باب توقف الحكم على موضوعه.
(٤) هذا متفرع على اعتبار فعلية اليقين والشك في جريان الاستصحاب ، وعدم كفاية وجودهما التقديري في جريانه.
توضيحه : أن من تيقن بالحدث أول الزوال مثلا ، وغفل وصلى غافلا عن الحدث ، وشك بعد الصلاة في أنه تطهر ـ بعد القطع بالحدث ـ حتى يكون قد أتى بها متطهرا ، أو لم يتطهر وصلى محدثا حكم بصحة صلاته ؛ إذ لم يحصل له شك فعلي قبل الصلاة حتى يحكم ببطلانها لأجل استصحاب الحدث. والشك التقديري مع الغفلة وإن كان موجودا قبل الصلاة ، لكنه لا أثر له ، لإناطة الاستصحاب كسائر الأصول العملية بالشك الفعلي المفقود في المقام ، فالمرجع حينئذ قاعدة الفراغ التي موردها الشك الفعلي الحادث بعد العمل كما هو المفروض في المقام ، حيث إن الشك الفعلي حدث بعد الصلاة.
نعم ؛ بناء على كفاية الشك التقديري في الاستصحاب تبطل الصلاة ولا يمكن تصحيحها بقاعدة الفراغ ؛ إذ المفروض : جريان استصحاب الحدث قبل الصلاة القاضي بوقوعها حال الحدث ، ومن المعلوم : بطلان الصلاة مع الحدث الاستصحابي كبطلانها مع الحدث القطعي ، فكما لا تجري قاعدة الفراغ مع الحدث القطعي فكذلك لا تجري مع الحدث الاستصحابي.