أخبار الباب أن العبرة فيه بما يكون رفع اليد عنه مع الشك بنظر العرف نقضا (١) ؛ وإن لم يكن (٢) بنقض بحس الدقة ، ولذا (٣) لو انعكس الأمر ولم يكن نقض عرفا ، لم يكن الاستصحاب جاريا وإن كان هناك نقض عقلا.
ومما ذكرنا في المقام (٤) يظهر أيضا حال الاستصحاب في متعلقات الأحكام في
______________________________________________________
وعليه : فإذا كان الوجوب والاستحباب فردين متغايرين بحيث يعدان موضوعين لا يصح إجراء الاستصحاب لإثبات الاستحباب بعد ارتفاع الوجوب ؛ لعدم كون الشك حينئذ في البقاء ، بل في حدوث فرد غير ما علم بارتفاعه ، فلا يكون استصحاب الاستحباب إبقاء للمتيقن السابق ، كما لا يكون عدم إجرائه فيه نقضا. وسيأتي في الخاتمة إن شاء الله تعالى مزيد توضيح لذلك.
(١) خبر «يكون» و «لا بنظر العرف» متعلق به ، وضمير «فيه» راجع إلى الاستصحاب.
(٢) يعني : وإن لم يكن رفع اليد عن اليقين السابق نقضا بحسب الدقة العقلية كالتدريجيات من الزمان كالليل والنهار والأسبوع والشهر والسنة ، والزماني كنبع الماء وسيلان الدم والتكلم ونحوها ، فإن رفع اليد عن اليقين بها حال الشك نقض عرفا لا عقلا ؛ لأن المتدرج في الوجود يكون وجوده اللاحق مغايرا للسابق ؛ لتوقف وجوده على انعدام ما قبله ، ومع تعدد الوجود لا يصدق النقض بحسب النظر الدقي العقلي ، وأما بحسب النظر العرفي فيصدق النقض على رفع اليد عن اليقين السابق في التدريجيات ، ولذا يجري الاستصحاب فيها كما سيأتي تفصيله في التنبيه الرابع إن شاء الله تعالى ؛ بل ادعى المصنف فيه صدق بقاء الأمر التدريجي حقيقة في بعض الموارد.
(٣) أي : ولأجل كون العبرة في جريان الاستصحاب بنظر العرف لا يجري الاستصحاب فيما لا يصدق النقض عرفا على رفع اليد عن اليقين السابق لمغايرة المشكوك فيه للمتيقن وجودا وإن صدق عليه النقض عقلا كالاستحباب المشكوك حدوثه عند ارتفاع الوجوب ، فإن الاستحباب بنظر العرف مغاير للوجوب ، فرفع اليد عنه ليس نقضا لليقين بالشك ، لكنه نقض بحسب النظر العقلي.
(٤) من انقسام استصحاب الكلي في الأحكام إلى ثلاثة أقسام :
غرضه : أن ما تقدم من أقسام استصحاب الكلي في الأحكام يجري في متعلقاتها أي : موضوعاتها ، فاستصحاب الكلي بأقسامه لا يختص بالأحكام ؛ بل يجري في كل من الموضوعات والأحكام كما هو ظاهر الشيخ على ما مر في صدر التنبيه ، بخلاف المصنف فإنه جعل العنوان جريان استصحاب الكلي في الأحكام.