والاستحباب المتبادلين فردين متباينين (١) لا واحدا مختلف الوصف في زمانين لم يكن (٢) مجال للاستصحاب ؛ لما (٣) مرت الإشارة إليه (٤) ويأتي (٥) من أن قضية إطلاق
______________________________________________________
بالضعيفة ، لوحدة القضيتين المتيقنة والمشكوكة فيه عرفا كوحدتهما عقلا.
والمشار إليه في قوله : «كذلك» هو كون التفاوت بين الإيجاب والاستحباب بشدة الطلب وضعفه ، وكذا الحرمة والكراهة ، ولازم ذلك : رجوع الشك في التبدل بالاستحباب إلى الشك في بقاء الطلب ، لا إلى الشك في حدوث فرد آخر حتى لا يجري فيه الاستصحاب ؛ لكنه بنظر العرف ليس كذلك ؛ لكون الإيجاب والاستحباب بنظره متباينين.
(١) يعني : فلا يجري الاستصحاب ، لانتفاء شرطه وهو وحدة القضية المتيقنة والمشكوكة ؛ إذ المفروض : كون الوجوب والاستحباب عرفا فردين متباينين كتباين زيد وعمرو ، وعدم كون وجود أحدهما وجودا للآخر ، فالشك في تبدل الوجوب بالاستحباب ليس شكا في البقاء ؛ بل يكون شكا في حدوث فرد آخر ؛ لكون وصفي الوجوب والاستحباب من مقومات الطلب الموجبة لتعدد الموضوع المانع عن جريان الاستصحاب ، لا من الحالات المتبادلة التي لا تنثلم بها وحدة الموضوع كالفقر والغنى والصحة والمرض وأمثالها العارضة لزيد مثلا ، فإنه في جميع هذه العوارض لا يتعدد ؛ بل وحدته محفوظة فيها ، وهذا هو المراد بقوله : «لا واحد مختلف الوصف» لجريان الاستصحاب في هذا الواحد الشخصي.
(٢) جواب «حيث يرى» وقد مر توضيحه.
(٣) تعليل لعدم المجال لجريان الاستصحاب ، وحاصله : اعتبار وحدة القضية المتيقنة والمشكوكة عرفا.
(٤) مرّ ذلك في أوائل الاستصحاب ، حيث قال : «وكيف كان ؛ فقد ظهر مما ذكرنا في تعريفه اعتبار أمرين في مورده ... ولا يكاد يكون الشك في البقاء إلّا مع اتحاد القضية المشكوكة والمتيقنة بحسب الموضوع والمحمول».
(٥) يعني : في الخاتمة وكلمة «من» بيان ل «ما» الموصول ، ومحصله : أن مقتضى إطلاق أخبار الاستصحاب لإلقائها إلى العرف أن المعيار في جريان الاستصحاب هو صدق إبقاء الحالة السابقة عرفا على العمل بها حال الشك ، وصدق نقض اليقين بالشك على رفع اليد عنها ، وهذا الصدق العرفي يتوقف على وحدة القضية المتيقنة والمشكوكة عندهم ؛ إذ مع تعدد القضية لا يصدق النقض والإبقاء حقيقة.