التدريجية (١) غير القارة ، فإن الأمور غير القارة وإن كان (٢) وجودها ينصرم ولا (٣) يتحقق منه جزء إلّا بعد ما انصرم منه جزء وانعدم ؛ إلّا إنه (٤) ما لم يتخلل في البين
______________________________________________________
١ ـ الزمان كالليل والنهار ونحوهما.
٢ ـ الزماني الذي لا استقرار لوجوده ؛ بل يتجدد شيئا فشيئا على التدريج ؛ كالتكلم والكتابة والمشي ونبع الماء وسيلان الدم ونحو ذلك.
٣ ـ المستقر الذي يؤخذ الزمان قيدا له ؛ كالصوم المقيد بيوم الجمعة أو الجلوس المقيد بيوم الخميس ونحوهما.
وأما صاحب الكفاية «قدسسره» : فجعل الأمور غير القارة على قسمين :
وهما الزمان والزماني. هذا تمام الكلام فيما هو محل الكلام في هذا التنبيه الرابع.
توضيح بعض العبارات طبقا لما في «منتهى الدراية».
(١) الفرق بين الأمور القارة وغير القارة : أن الأمور القارة هي ما تجتمع أجزاؤها في الوجود زمانا ، وغير القارة هي ما لا تجتمع أجزاؤها فيه زمانا.
(٢) هذا إشارة إلى منشأ الإشكال الذي أشرنا إليه في صدر هذا التنبيه في جريان الاستصحاب في الأمور التدريجية.
أما نفس الإشكال فهو : اختلال أحد ركني الاستصحاب وهو الشك في البقاء فيها بالنسبة إلى الجزء المعلوم ، والشك في الحدوث بالنسبة إلى الجزء غير المعلوم ، وقد تقدم توضيح الإشكال فراجع.
(٣) هذا شروع في شرح وتفسير للأمور غير القارة وقد تقدم توضيحه. وضمير «منه» في الموضعين راجع إلى «الأمور» ، فالأولى تأنيثه.
(٤) هذا إشارة إلى الجواب عن الإشكال ، وقد أجاب المصنف «قدسسره» ، عن إشكال جريان الاستصحاب في الأمور غير القارة بوجهين ، والغرض منهما إثبات وحدة القضيتين عقلا أو عرفا.
وبيان الوجه الأول منوط بتقديم أمر من باب المقدمة وهو : أن الأمور التدريجية من الزمان والزمانيات التي لا تجتمع أجزاؤها في الوجود موجودات متقومة في مرتبة ذواتها بالأخذ والترك ، والتركب من الوجود والعدم ، فهي عين التجدد والانقضاء والخروج من القوة إلى الفعل ، فالزمان هو سلسلة الآنات المتعاقبة على نهج الاتصال ، فيوجد آن وينعدم ثم يوجد آن آخر وينصرم وهكذا ، وليس الزمان شيئا وراء هذه الآنات المتصلة.