.................................................................................................
______________________________________________________
الإنسان والأعراض كالعلم والعدالة والسواد والبياض.
الثاني : الأمور غير القارة ، وهي التي لا تجتمع أجزاؤها في الوجود بحسب الزمان ، بمعنى : أنه لا يوجد جزء منه إلّا بعد انعدام الجزء الذي قبله كنفس الزمان فإن ساعات النهار لا توجد إلّا تدريجا ؛ بحيث يتوقف وجود كل ساعة منها على انعدام سابقتها ، وكذا الليل والأسبوع والشهر والسنة وأمثالها في الأزمنة ، وكذا الزماني كجريان الماء وسيلان الدم والتكلم والكتابة ونحوها من الأمور المتدرجة في الوجود.
إذا عرفت هذه المقدمة فاعلم : أنه لا إشكال في جريان الاستصحاب في القسم الأول وهي الأمور القارة ؛ لأنها كانت موجودة بجميع أجزائها في الزمان الأول ، وكان وجودها متيقنا فيه ، وشك في بقائها في الزمان الثاني فيستصحب بقاؤها في الزمان اللاحق لوجود أركان الاستصحاب من اليقين والشك.
وأما القسم الثاني فهو محل الكلام ؛ إذ في جريان الاستصحاب فيه إشكال.
توضيح الإشكال : أن الجزء الأول السابق المتيقن قد زال يقينا فلا شك في بقائه حتى يجري فيه الاستصحاب.
والجزء الثاني مشكوك الحدوث ، وبأصالة عدمه محكوم بالعدم.
وأما تقريب الإشكال ببيان أوضح : أن شرط جريان الاستصحاب. وهو اتحاد القضيتين المتيقنة والمشكوكة مفقود في الأمور التدريجية ؛ لأن هوية الموجود التدريجي متقومة بالتصرم والتجدد وعدم اجتماع أجزائه في الوجود ، فذات الأمر غير القار متقوم بالأخذ والترك أي : بوجود جزء منه وانعدامه ، ثم وجود جزء آخر منه وهكذا ، ومن المعلوم : مغايرة أحد الكونين للآخر ، فاليقين تعلق بوجود في حد معين ، وقد زال وانعدم والشك تعلق بحدوث كونه في حد آخر ، ومعه لا مجال للاستصحاب لانتفاء أحد ركنيه.
وقد أشار المصنف «قدسسره» إلى منشأ هذا الإشكال بقوله : «فإن الأمور الغير القارة وإن كان وجودها ينصرم ...» الخ.
وحاصل الكلام في منشأ الإشكال : أن منشأه هو ملاحظة كل واحد من الأجزاء التدريجية شيئا مستقلا ، ومن المعلوم : أن لحاظ كل جزء بحياله يوجب هذا الإشكال.
وكيف كان ؛ فمحل الكلام والإشكال هو القسم الثاني ـ وهي الأمور غير القارة ـ وهي ثلاثة أقسام على ما جعله الشيخ «قدسسره» :