وإن كان (١) من الجهة الأخرى : فلا مجال إلا لاستصحاب الحكم في خصوص (٢)
______________________________________________________
المستصحب إن كان هو النهار بمفاد كان التامة فلا يثبت به وقوع الإمساك في النهار إلّا على القول بالأصل المثبت ، ضرورة : أن وقوع الإمساك في النهار لازم عقلي لبقاء النهار. وإن كان هو النهار بمفاد كأن الناقصة بأن يقال : «الإمساك في زمان هو نهار كان واجبا ، والآن كما كان» فلا مجال لاستصحابه ، لعدم اليقين السابق ، ضرورة أنه لا علم بأن الإمساك في هذا الزمان إمساك في زمان هو متصف بكونه نهارا.
ويمكن أن يكون إشارة إلى دفع توهم.
أما التوهم فهو : أن الإمساك قبل هذا الآن قد ارتفع قطعا ، والإمساك في هذا الآن لو شك في وجوبه كان شكا في حدوث وجوبه لا شكا في بقاء ما علم من وجوبه سابقا حتى يكون من موارد الاستصحاب ؛ بل يكون من مجاري أصالة البراءة.
وأما الدفع ، فحاصله : أن العرف الذي يكون نظره معتبرا في الاستصحاب يحكم بأن الإمساك في النهار موضوع وحداني ، والشك في شيء منه شك في جزء من أجزائه ، لا في جزئي من جزئياته ، فلا مانع من جريان الاستصحاب فيه. وهناك كلام طويل تركناه رعاية للاختصار.
(١) معطوف على قوله : «فإن كان» يعني : وإن كان الشك في الحكم من جهة أخرى غير الشك في بقاء القيد ؛ بأن يشك فيه مع القطع بانتفاء القيد ، وقد عرفت : تعدد منشأ الشك في بقاء الحكم مع القطع بانقضاء الوقت من كون الزمان قيدا بنحو تعدد المطلوب أو وحدته ، مع احتمال حدوث مصلحة ملزمة في الفعل أوجبت وجوبه بعد ذلك الزمان. والمصنف ذكر صورتين تقدم تفصيل الكلام فيهما فراجع.
(٢) هذا إشارة إلى الصورة الأولى. وضمائر «فيه ، لثبوته ، لموضوعه» راجعة إلى «الحكم».
ثم إن عدّ هذه الصورة الأولى وهي كون الزمان ظرفا من أقسام الفعل المقيد بالزمان مبني على المسامحة لمباينته الظرفية للقيدية ؛ لوضوح : عدم كون الظرف قيدا إلّا أن يقال : إن مراده بقوله : «وأما الفعل المقيد بالزمان ...» الخ الفعل المقترن بالزمان في لسان الدليل ، كما إذا قال : «أكرم العلماء يوم الجمعة» مثلا ، وقيدية الزمان أو ظرفيته تحرز من قرينة داخلية أو خارجية. ويؤيده تصريحه في «لا يقال :» بقوله : «يكون من قيود الموضوع وإن أخذ ظرفا لثبوت الحكم» ، حيث إنه أراد بالتقييد مجرد الاقتران بالزمان ؛ لكن الإنصاف تقابل القيدية والظرفية وتغايرهما ، وهو «قدسسره» أعلم بما قال.