الموافقة أيضا في العبادة (١) فيما لا تأتى منه قصد القربة (٢) ؛ وذلك (٣) لعدم الإتيان
______________________________________________________
مترتب على العمل بسبب ترك الفحص غير حكمه الواقعي الثابت له مطلقا ، سواء تفحص عنه أم لم يتفحص.
وكيف كان ؛ فمحصل ما أفاده في حكم العمل بالبراءة قبل الفحص والتعلم : أن المعيار في صحة العمل وفساده هو الموافقة للواقع والمخالفة له مطلقا ، سواء كان عبادة أم معاملة ، غاية الأمر : أنه إن كان عبادة فقد اعتبر في صحته مضافا إلى المطابقة للواقع نشوؤه عن قصد القربة ، فمع قصدها ـ ولو رجاء ـ صح ولا يحتاج إلى الإعادة ، وبدون قصدها لا يصح وتجب إعادته وإن كان مطابقا للواقع.
وإن كان معاملة فلا يعتبر في صحتها غير الموافقة له.
فالمتحصل : أن العمل العبادي يصح في صورة واحدة وهي الموافقة للواقع مع حصول قصد القربة لغفلة أو لرجاء إدراك الواقع ، والبناء على تداركه مع تبيّن الخلاف ، ويفسد في صورتين : إحداهما : مخالفته للواقع ، والأخرى : موافقته له بدون قصد القربة ، وإن كان رجوع كلتا الصورتين إلى صورة واحدة وهي المخالفة للواقع الذي هو في العبادات العمل مع القربة.
وخلاصة الكلام : أنه يظهر من عبارة المصنف : أن المعيار في الصحة والفساد في المعاملة هو موافقتها مع الواقع ومخالفتها له ، فإن وافقته صحت وإن خالفته بطلت ، وأن المعيار في العبادة أمران : موافقتها مع الواقع وتمشّي قصد القربة ، فإن وافقت العبادة مع الواقع وتمشّى قصد القربة صحت ، وإلا بأن خالفت الواقع أو وافقته ولم يتمشّى قصد القربة لتردّد العامل بالبراءة قبل الفحص وعدم جزمه بأحد الطرفين بطلت. توضيح بعض العبارات طبقا لما في «منتهى الدراية».
(١) يعني : كعدم الإشكال في وجوب الإعادة في صورة المخالفة للواقع في خصوص العبادة ؛ لفقدان شرط صحتها وهو قصد القربة ، كما إذا احتمل جزئية السورة مثلا للصلاة ، أو مانعية اللباس المشكوك لها ، فإنه مع هذا الاحتمال وعدم الإتيان بالسورة رجاء وعدم البناء على الإعادة مع انكشاف الخلاف لا يتأتى منه قصد القربة للشك في صلاحية هذا العمل للمقربية. والتقييد بالعبادة لوضوح عدم اعتبار قصد القربة في التوصليات حتى يقدح عدم تمشّيه في عبادية العمل.
(٢) كمثال احتمال جزئية السورة على ما عرفت آنفا ، فيبطل العمل العبادي لاختلال شرطه وهو قصد القربة.
(٣) تعليل لعدم الإشكال في وجوب الإعادة في صورتي المخالفة للواقع والموافقة له