.................................................................................................
______________________________________________________
ثم قال الفاضل النراقي : «هذا في الأمور الشرعية ، وأما الأمور الخارجية كاليوم والليل والحياة والرطوبة والجفاف ونحوها مما لا دخل لجعل الشارع في وجودها فاستصحاب الوجود فيها حجة بلا معارض ؛ لعدم تحقق استصحاب حال عقل معارض باستصحاب وجودها» (١). هذا حاصل الوهم.
فالمتحصل : أنه ذكر الفاضل النراقي : أنه لو تطهر الإنسان ثم خرج منه مذي يشك في كونه ناقضا أم لا يتعارض ، هنا استصحابان : استصحاب الطهارة ، واستصحاب عدم جعل الوضوء سببا للطهارة بعد المذي ، وهكذا إذا غسل الثوب النجس بالماء مرة ـ إذا شك في لزوم الغسل مرة أو مرتين ـ فإنه يتعارض استصحاب النجاسة واستصحاب عدم جعل الشارع الملاقاة سببا للنجاسة بعد الغسل مرة.
ثم جعل الفاضل «رحمهالله» استصحاب عدم الرافعية للمذي والغسل مرة حاكما على ذينك الاستصحابين المتعارضين ثم ذكر أن التعارض والحكومة إنما هو بالنسبة إلى الأمور الشرعية ، أما الأمور الخارجية كالليل والنهار ، فلا مجال إلّا لاستصحاب الوجود فيها فلا يعقل التعارض.
وقد أجاب المصنف «قدسسره» بما ملخصه : أن الطهارة والنجاسة الحدثية والخبثية مما ثبت في الشريعة أنها تدوم إذا حدثت ، فلا مجال إلّا لاستصحاب الطهارة بعد خروج المذي واستصحاب النجاسة بعد الغسل بالماء مرة ؛ إذ «لا يخفى أن الطهارة الحدثية والخبثية وما يقابلها» أي : يقابل الطهارة ـ وهي النجاسة الحدثية والخبثية ـ «يكون مما إذا وجدت بأسبابها» المقررة في الشريعة ، «لا يكاد يشك في بقائها إلّا من قبل الشك في الرافع لها» ، فالمذي إذا خرج يشك في كونه رافعا للوضوء أم لا ، لا أنه يشك في أن الوضوء له مقتض للبقاء بعده أم لا ، وكذلك بالنسبة إلى الغسل مرة بعد النجاسة فإنه يشك في كون الغسل مرة رافعا أم لا ، لا أنه يشك في كون النجاسة لها مقتض للبقاء بعد الغسل مرة أم لا ؛ «لا من قبل الشك في مقدار تأثير أسبابها» أي : أسباب الطهارة والنجاسة ، وأنه هل سبب الطهارة والنجاسة ذو مقتض طويل أم مقتض قصير.
ثم قوله : «إن الطهارة الحدثية» إشارة إلى المثال الثاني الذي ذكره الفاضل النراقي «قدسسره» من الوضوء المتعقب بالمذي.
قوله : «الخبثية» إشارة إلى المثال الثالث المذكور في كلام النراقي ، وهو الشك في
__________________
(١) نقله في فرائد الأصول ٣ : ٢١٠.