.................................................................................................
______________________________________________________
العنوان ؛ لاحتمال مدخلية العنوان في ترتب الحكم ، وهذا كالتغير المأخوذ في نجاسة الماء ، فإنه لا يعلم أن النجاسة دائرة مدار التغير التغير حدوثا وبقاء ، أو أنها باقية بعد زوال التغير أيضا لكونه علة لحدوثها فقط. وهذا القسم هو محل الكلام في جريان الاستصحاب.
وظهر بما ذكرنا من تحقيق موارد الاستصحاب التعليقي : أن تمثيلهم له بماء الزبيب غير صحيح ، فإن الاستصحاب إنما هو فيما إذا تبدلت حالة من حالات الموضوع فشك في بقاء حكمه ، والمقام ليس كذلك ؛ إذ ليس المأخوذ في دليل الحرمة هو عنوان العنب ليجري استصحاب الحرمة بعد كونه زبيبا ؛ بل المأخوذ فيه هو عصير العنب ، وهو الماء المخلوق في كامن ذاته بقدرة الله تعالى ، فإن العصير ما يعصر من الشيء من الماء ، وبعد الجفاف وصيرورته زبيبا لا يبقى ماؤه الذي كان موضوعا للحرمة بعد الغليان.
وأما عصير الزبيب : فليس هو إلا ماء آخر خارج عن حقيقته وصار حلوا بمجاورته ، فموضوع الحرمة غير باق ليكون الشك شكا في بقاء حكمه ، فيجري فيه الاستصحاب.
وبعد الغض عن المناقشة في المثال نقول : إن البحث في الاستصحاب التعليقي ذو أثر كبير في باب الفقه للتمسك به في موارد كثيرة من الأحكام التكليفية والوضعية ، منها : استصحاب حرمة العصير العنبي بعد غليانه إذا شك فيها بعد زوال عنوانه وتبدله إلى زبيب ، فيقال : إنه لا إشكال في ماء العنب إذا غلى قبل أن يذهب ثلثاه يحرم وإنما الإشكال فيما إذا صار العنب زبيبا. هل كان استصحاب الحرمة التعليقية جاريا فيحرم عند تحقق الغليان أم لا؟ بل تستصحب الإباحة السابقة التي كانت لماء الزبيب قبل الغليان.
وكيف كان ؛ فإثبات اعتبار الاستصحاب في الأحكام التعليقية منوط بالبحث في مقامين :
أحدهما : في وجود المقتضي له وهو عموم أو إطلاق أدلة الاستصحاب. والآخر : عدم المانع أعني : معارضة الاستصحاب التعليقي في كل مورد بالاستصحاب التنجيزي على خلاف الحكم المشروط ، وممن التزم بجريان الاستصحاب التعليقي لوجود المقتضي هو صاحب الكفاية «قدسسره» ، وذكر في تقريبه : أن قوام الاستصحاب من اليقين بالحدوث والشك في البقاء متحقق في الأحكام التعليقية ، لأن غاية ما يقال في نفيه : أن الحكم التعليقي لا وجود له قبل وجود ما علق عليه ، فلا يقين بحدوثه ، وهذا قول فاسد ؛ لأنه لا وجود له فعلا قبل الشرط ؛ لا أنه لا وجود له أصلا ولو بنحو التعليق ، فإن وجوده