لا فرق أيضا (١) بين أن يكون المتيقن من أحكام هذه الشريعة أو الشريعة السابقة
______________________________________________________
ثبوته للمكلفين بنحو القضية الخارجية لا يجري فيه الاستصحاب إذا شك في بقائه لأشخاص آخرين ؛ لاختلاف الموضوع حينئذ ، وكونه من تسرية حكم موضوع إلى موضوع آخر ، ومن المعلوم : أنه أجنبي عن الاستصحاب ، فلا تعمه أدلته.
مثلا : إذا ورد حكم في التوراة بعنوان «يا أيها اليهود» ونحوه ، فليس للمسلم استصحاب ذلك الحكم ؛ لتعدد الموضوع ، إلّا إذا أحرز كون اليهود عنوانا مشيرا إلى كل مكلف.
ثم إن الفرق بين هذا البحث وما سيأتي في التنبيه الثاني عشر من استصحاب النبوة هو : أن المقصود بالبحث في هذا التنبيه استصحاب بعض أحكام الشريعة السابقة بعد اليقين بورود شريعة أخرى ؛ للشك في أن المنسوخ جميع الأحكام أو بعضها ، بخلافه في التنبيه الثاني عشر ؛ إذ المقصود بالبحث فيه إثبات عدم منسوخية الشريعة السابقة ، وإنكار تشريع دين آخر ، كإنكار اليهود بعثة نبينا «صلىاللهعليهوآلهوسلم» اعتمادا على استصحاب نبوة موسى «عليهالسلام» ، على تقدير إرادة الأحكام الفرعية من النبوة لا نفس الصفة الملكوتية القائمة بنفس النبي ، وسيأتي تفصيله هناك إن شاء الله تعالى.
وكيف كان ؛ فيقع الكلام في أنه هل تستصحب أحكام الشرائع السابقة أم لا؟
فيه خلاف ، واختار صاحب الكفاية وفاقا للشيخ الأنصاري استصحاب أحكام الشريعة السابقة ؛ وذلك لتمامية أركان الاستصحاب من اليقين السابق بالحكم ، والشك اللاحق ، فيستصحب لعدم اختصاص أدلة الاستصحاب بما إذا كان المستصحب حكما محتمل النسخ من شرائع الإسلام ؛ بل يجري فيما إذا كان حكما محتمل النسخ من أحكام الشرائع السابقة أيضا ، وذلك لوجود المقتضي وفقد المانع على ما سيأتي بيانه إن شاء الله تعالى ؛ وخالف فيه جمع كالمحقق في الشرائع وصاحبي القوانين والفصول على ما حكي عنهما.
توضيح بعض العبارات طبقا لما في «منتهى الدراية».
(١) يعني : كما لا فرق في اعتبار الاستصحاب بين كون المستصحب حكما فعليا وتعليقيا ، كذلك لا فرق في اعتباره بين كون الحكم المشكوك نسخه من أحكام هذه الشريعة ، وبين كونه من أحكام الشرائع السابقة إذا شك في نسخه في هذه الشريعة المقدسة.