إن قلت (١) : كيف يحكم بصحتها مع عدم الأمر بها؟
______________________________________________________
الجهل وإن كان الجاهل غير معذور ... وكأنه يريد أن الجاهل هنا أيضا غير معذور بالنسبة للإثم وعدمه إن كان فعله صحيحا للدليل». «جواهر الكلام ، ج ١٤ ، ص ٣٤٣».
(١) أي : إن قلت : ما هو الوجه لصحة الصلاة؟ وما هو الوجه لاستحقاق العقوبة على تقدير الصحة؟ فإنه كيف يحكم بصحة الصلاة المخالفة مع عدم الأمر بها ، فإن الأمر كان متوجها إلى القصر وإلى الإخفات في الظهرين ، وإلى الجهر في الصبح والمغربين. هذا هو الإشكال الأول.
والإشكال الثاني : كيف يصح الحكم باستحقاق العقوبة على ترك الصلاة التي أمر بها ـ أي : الصلاة الواقعية ـ حتى فيما إذا تمكن مما أمر بها ، يعني : أنه لو تمكن من إعادة الصلاة موافقة للواقع فكيف يقول له الشارع : لا تصل ـ إذ لا إعادة عليه ـ ثم يعاقبه بأنه لم صلى الصلاة الناقصة؟ فإنه كالتهافت.
وكيف كان ؛ فغرضه : أنه كيف يمكن الحكم بصحة العبادة بدون الأمر؟ وكيف يحكم باستحقاق العقوبة على ترك المأمور به مع عدم استناد الترك إلى المكلف وتمكنه من الإتيان به؟
وتوضيح الإشكال ـ على ما في «منتهى الدراية ، ج ٦ ، ص ٤٤٢» ـ أن هذا الإشكال ينحل إلى إشكالين :
أحدهما : أنه كيف يصح المأتي به بدون الأمر؟ مع أن الصحة هي انطباق المأمور به عليه ، والمفروض : خلو المأتي به عن الأمر ، فيمتنع انطباقه عليه ، مع دلالة الصحيحين المتقدمين على الصحة. أما الصحيح الأول فلقوله : «عليهالسلام» : «فلا إعادة عليه» ، حيث إن نفي الإعادة يدل على ملزومة ، وهي الصحة. وأما الصحيح الثاني : فلقوله «عليهالسلام» : «أو لا يدري فلا شيء عليه وقد تمت صلاته».
ثانيهما : أنه كيف يصح الحكم باستحقاق العقوبة على ترك المأمور به مع القدرة على الإعادة والإتيان بالمأمور به على وجهه؟ كما إذا علم بوظيفته من القصر أو الجهر أو الإخفات في الوقت مع سعته والتمكن من فعله ثانيا ، ومعه لا موجب لاستحقاق العقوبة ؛ إذ المطلوب في تمام الوقت هو صرف الوجود من الطبيعة المأمور بها ، والمفروض : تمكنه من ذلك مع عدم وجوب الإعادة ، بل مرجوحيتها شرعا بمقتضى قوله «عليهالسلام» : «تمت صلاته ولا يعيد» ، فترك المأمور به حينئذ مستند إلى الشارع ، ومعه كيف تصح مؤاخذته؟ هذا تمام الكلام في الإشكال من وجهين.